انطباع
أول
غيوم
في البيت : كائن بين الواقع والسريالية
بلقيس
خالد
هل الغيوم هي
المشاكل التي تحدث في البيت؟ سؤالي قادني الى القصة التي هي عنوان المجموعة
القصصية في ص56. حدث القصة يجري في ليلة
مألوفة مثل كل الليالي. الأم هي آخر من يذهب إلى النوم لكنها(نسيت أن تطفئ مفتاح
التدفئة) تستيقظ الام صباحا على أصوات صغارها وهنا ينتقل السرد من المألوف في
الحياة اليومية الى غرائبية الخيال ترى الأم نفسها غيمة ً وصغارها كذلك وضمن السريالية
لم تحدث صدمة تلقي لديها لأنها( أمّ استطاعت على ان تعتاد شكلها الجديد) والأطفال
مثلها في انسجام مع أشكالهم الجديدة، فهم غيوم في سقف الغرفة.. الوحيد الذي لم
يتحول غيمة ً هو الأب !! هل السب لأن الأب( كان اللحاف يغطيه من رأسه حتى قدميه)؟ وأثناء لعب الصغار وصياحهم، الأب يستيقظ،( خرج
بشكله الآدمي من تحت اللحاف وهو يصرخ:
اصمتوا جميعا، خاف الأولاد) يزجرهم، فيصطدمون ببعض ومثل كل الغيوم يتساقطون زخات
مطر على أرض الصالة.
في قصة (سنّ
الذيب/ 10ص) جذبتني ذاكرتي التي استحضرت النساء الجنوبيات وشغفهن في اقتناء هذا السن
وما تدور حوله من حكايات.. توقفت عند الجملتين الفعليتين الاستهلاليتين في القصة
(يقال تذبل الازهار ولا تفقد شذاها) (وتموت الأفاعي ولا يموت سمها) . الجملتان
تؤكدان على ديمومة الشيء من خلال الفعلين المنفيين ب (لا) النافية ( لا تفقد
شذاها) و(لا يموت سمها).. في القصة ثلاثة اجيال: الحفيدة مع امها يذهبان لزيارة
جدة الام. ولا نعرف عن جدة الام سوى معلومتين (جدتها التسعينية) و(المرأة التي
قهرت النوم لعقود).. والتي لا تقل أهمية
هي المعلومة الثالثة (أخذت تقص لأمي كل الاخبار عن الاقارب والاهل والعديد من
الاسرار.) وحين ادرك الام النعاس
(سحبت العجوز كيسا
مصنوعا من القماش معلقا بخيط .. واخرجت منه شيئا مغطى بقماش أبيض كأنه كفن)..
الهدية هي سن الذئب الذي قتله الجد. الام تهدي السن لبنتها على شكل قلادة.. بعد
تردد تأخذها البنت ربما لسبب واحد، تقول.. انها بحاجة لهكذا تعويذة، تقصد القلادة
التي يتدلى منها سن الذيب ( كنت بحاجة لها لمواجهة العالم من حولي/ 11ص). فإذا بالبنت تستحيل ذئبا وتأكل اللحم نيئا في
المطبخ. ثم حين تنتقل القلادة.. الى شقيقتها الكبرى تشفى البنت من ذئبيتها وتصاب الشقيقة بأرق الجدة الكبرى..
والسؤال هل لهذه الاخيرة حكايات سترويها.. ؟
المجموعة
القصصية ( غيوم في البيت) للقاصة ( أغصان
الصالح) الصادرة عن دار شهريار/العراق /
البصرة/ 2021
من القطع المتوسط
(96) صفحة، احتوت على (40) قصة قصيرة.
النهاية القصصية
السريالية عكس بدايتها. وهذا النموذج القصصي هو البصمة السردية لكافة قصص
المجموعة.
القصص جميلة كُتبت
بأسلوبٍ شيقٍ ولغة لها عذوبة انسيابية الماء،
والمؤلفة واعية لما تفعلهُ سرديا وكذلك النصوص تشوقني كقارئة لملازمة
الكتاب للنهاية.