بلقيس خالد

الموقع الرسمي للشاعرة والروائية بلقيس خالد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تجربة بلقيس خالد الشعرية البوح الكوني وتجليات الاخر في طقوسها الشعرية . (دراسة سيميائية )

                 
تجربة بلقيس خالد الشعرية                 

البوح الكوني وتجليات الاخر في طقوسها الشعرية . (دراسة سيميائية ) . 
الناقد الاستاذ الدكتور ناصر الاسدي / جمهورية العراق /محافظة البصرة 
توطئة :
    إن الاخر في تجليات الشاعرة العراقية البصرية ( بلقيس خالد ) هو كائن لما سيكون يتجاوز مشروع الحلم إلى البعد الكوني ، وهو كائن متمرد على حدود ذاتيته منكفئ عليها بقرائن الإستقراء .والسيمياء تعمل على كشف مضان البوح الشعري في أنظمتها المتعددة بفعل القرائن الدينامية .
    إن الخوض في تجربة بلقيس خالد يدفعنا إلى إستجلاء المتغيرات ومعرفة حدود النص وكلما هو خارج عن حدود الذات كونه يعد عندنا إنفصالا عنها وتشكيلا لمعرفة  الحقائق الإرتكازية وهو فضاء واسع ونافذة مشرعة يتجلى فيها المنظورالحكائي في تداولية إرتكازية  تتعمق في بعدها الاشاري منطلقة لأوسع مدى من مديات الصورة وأبعادها الإستعارية والإشارية .
والشاعرة ( بلقيس خالد ) تتعامل بسيرورات الحركة الدالة والإشارة المعمقة وصولا إلى التكثيف والتلميح والإستعارة . وهي تشتغل على الاخر المحذوف . بصورته الجزئية والمتكاملة وهي تؤسس لنمط من الشعر يشي بالكثير من الممكنات السردية والسيميائية . لذا يحق لي أن أصنف الشاعرة بأنها إحدى الشاعرات الإشاريات اللاتي برعن في هكذا توظيف بل أجزم أن تجرتبها تمتلك من العمق والنضج الشيئ الكثير . وهي بذلك تتميز بالإرتقاء لبوح القصيدة وتعالي إشتغالاتها الموضوعية . كما إنها تتكشف على نمط جديد من الشعر . وهو التجديد في حركة الاليات والممكنات التي تتحول من البسيط جدا الى العميق جدا في رصد حركة الأشياء وإعادة فعاليتها .
والصورة عند ( بلقيس ) حكاية تمتاز صورتها الامامية بأنها تتماهى مع الداخل المحايث وفق ضوابط إشارية ودالالية . وقد أطلقت على هذا النوع من الصورة ببعد البصر النصي أو التراكمي في نظرة البوح الفني . وهي تتجاوز بذلك التفاصيل الضخمة إلى تفاصيل محايدة قد لا تشي بأية حركة ما .
     والذي تنطوي عليه هذه الدراسة في بعدها الإشاري هو الإستلال والإستقراء في الية التوظيف الدلالي والإسترجاع عند ارتقاء الجملة  أو أنصافها كونها تجدد البعد المورفولوجي لعينات قصائدها .
     والفراغ عند ( بلقيس خالد ) فراغ متقن تتجسد من خلاله عوامل بوح مركبة يشترك القارئ في رسم ملامحها في الغالب لكنه في النتيجة يرسم لنا نصا مقاربا لما هو كائن . والفراغ ...... عندها وأعني بالفراغ ترك المساحات التي تشي بالمعنى اللاحق وهو بناء فعلي يتقصى فاعلية الكشف الذاتي  لمحددات الصورة الفنية التي يكون بمقدور المتلقي أن يخلق نصا موازيا مع نصها لكنه في الغالب يتراجع .. والفراغ عندها سيرورة طقوس أتقنت ممارستها بوعي شاعرة من طراز فريد . فهي وإن لم تتوافر تجربتها للنقد الأكاديمي فذلك راجع الى النظرة الجمالية والإنطباعية التي يتصف بها النقد المحلي بعيدا عن أسس المناهج الحديثة ورسم الاليات المنهجية لمعرفة خصائص هذا النوع من الشعر .
     إن الممكن واللاممكن في قصائد ( بلقيس ) يأخذ نمطه من حوارية الذات وصولا للاخر العصي ذلك الاخر الممكن واللاممكن في رسم ستراتيجية خطاب اللاشعور القيمي والإفتراضي وهو في نظرنا سيرورة افتراضية  غير انفعالية  كونها تجسد إنفلاتا من الشكل العام للقصيدة التي يخطأ الاخرون في تسويق اليات أسمائها فخطأ رحنا نطلق عليها مسمى نثريا ورحنا نوغل في ذلك حينما أطلقنا عليها عبثا قصيدة نثر . لكن الذي يأتي من نصوص  (بلقيس خالد ) ليس نثرا إعتباطيا أو توليفة نثر تراجعية . وهي إنما تؤسس لنمط جديد من الشواخص الشعرية التي تفردت بها دون غيرها .
     إن الداخل والخارج في نسق البناء الفني متأتي من المونولوج الشعري الذي يتماهى في عملية الخلق والتكوين  والقارئ لتجربة ( بلقيس خالد ) إنما يتلمس بعدين ستراتيجيين في قصائدها  الأول : البعد الإفتراضي المتمثل بالنوافذ الإشارية وارتقاء تلك النوافذ إلى السمو في حركة طقوس أشياء لم تكن أبدا قادرة على المضي لولا دينامية بلقيس التي أدخلتها في دوامة تقسيماتها القصدية والتي تشي بنوع من الوعي الدال على حركة الواقع الشعري أما الثاني : فهو البوح الكوني الذي انتهجته الشاعرة في توجهها لكتابة هايكو عراقي خالص سنأتي للحديث عنه في دراستنا لديوان الشاعرة ( بقية شمعة : قمري ) والذي سنستعرض فيه ثمة الخصائص الدالة على عملية الخلق التكويني لهكذا نوع من الشعر .
     (بلقيس خالد ) شاعرة إشارية أعمد إلى وضعها ضمن مجموعة الشعراء الإشاريين . وهي تكتب تجربتها بوعي خاص ودينامية خاصة . بينما يعني الإستدراك لديها انبعاث مركزي حين تقوم في بناء قصيدتها من خلال التوظيف الدلالي وفي الإسترجاع  تعمد إلى نمط مغاير لإرتقاء الجملة . ومن أنصاف الجمل وأجزائها يتشكل وعي تراكمي لمفهوم النص لديها وكيف لك أن ترى تجلي الفكرة لديها ؟  وكيف لك أن تسبر غور تجربتها الشعرية في دواوينها الثلاثة(إمراة من رمل ) الصادر عن دار الينابيع / سوريا / دمشق ، 2009 و (بقية شمعة : عمري – هايكو عراقي ) دار الينابيع / سوريا / دمشق ، 2011 .
و( سماوات السيسم ) دار ضفاف / الشارقة ، 2013 .
الدراسة السيميائية :
    إن الاخر في استرجاعات ( بلقيس خالد ) اخر مختلف .. كائن وليد كوني راسخ في ذاكرة الوعي الجمعي . وهي مقطعات تتجاوز مشروع الحلم والاخرإرتقاء في ذاكرة الرمل . ومايشي من خلاله من إنزياح في اللغة أو في التداول المعرفي للأشياء . والرمل إرتقاء وتحول ضمن ممكنات نصية ونفسية ومثلما يكون الرمل فضاء واسعا للتيه والقفر والضياع يكن الرمل بريقا لامعا يتصدر مشهد البريق من حاضرة الزجاج إلى حاضرة الخلود الماسي كرقي لحجر نادر وثمين . والرمل في شيفرة ( بلقيس ) مقبرة وقتيل كبوابة للرحيل للعالم الاخر . والاخر عندها كون متناهي الأبعاد . إمرأة  الرمل ماسة دفنت فيه بل إن جزءا منها مات فيه من ذاكرتها وحلمها وامتداد بقائه . وإمرأة الرمل عندها قارئة لفنجان . جلست تتأمل في الرمل خطوط الحدث والام المصير . غجرية تلك صاحبة الرمل .. أو عراف راح يشعل البخور للبحث عن حقيقة البوح الذي يلازم البطلة في حياتها . وهو يقلب أبراجه  للكشف عن النهايات.  والرمل أرملة  .. فاقدة . والرمل فاقد . وكلاهما فاقدان في دلالات الأشياء ومستويات الإحتواء فالرمل يحتوي الفقيد وكون الفاقدة ماسة من الرمل فهي إذن في العمق وليست على السطح . ففي المدخل الأول ( حزمة ضوء ) تطالعنا قصيدة تطل على الرمال بومضة
في الربيع ...
بين وردة وشذاها
صرت ..
زوجة ..
وأما ..
و ....... أرملة
..............
    إن تجربة ( بلقيس ) في مشروعها الأول (إمرأة من رمل ). مشروع مضمر واخر ظاهر في دينامية الحدث واسترجاع ملامحة الكاملة وسط الدهشة والدمعة والإنتصار .وفي ماكبرتها تقول :
لن أبكي ... حتى تحضر
مافائدة ..
ذرف
........
........
دمع ..
: لن تراه
.........
     إنها تستقري الحدث وتحاكم القضية فأين جدوى الأشياء وأين الدوافع فما حاجتك لدمعي إن لم تكن قادرا على رؤيته . ارتقاء في تكوين الصورة التي قفزت من بين تعدد الفراغات قالت : إملا الفراغ إن شئت : أيها القاري لنصوصي . عذرا فإن مفاتحي هوت في القاع في بحيرة الرمل الحتمي . إنه فراغ القصيدة والسطور.. كونها تظهر الحدث لكنها لاتقوم بتحليله بل تطلقة للحواس ولاتمر عليه مرورا موضوعاتيا . لأنها قد اتخذت المجاز مفهوما ضمنيا لباطن النصوص التي تأتي دائما نصوص باذخة مترفة القصد مائزة العلاقة  . لذا فإني إتلمس نجاح الشاعرة في ثراء عتبتها النصية الأولى (إمرأة من رمل ) أي نجاح وأنطلق بها إلى عوالم أخرى وشت بالكثير من التواصل التداولي للحكاية بل لسحر الحكاية تقول في في سحر حكايتها :
يسألني العراف : ماذا تسمعين ؟
ماذا ترين ؟
يشدد علي بالسؤال ويأمرني :
: إحكي
إحكي
إحكي
.......
الحكاية نافذة للبوح فما سر الحكي عند ( بلقيس ) بل عند شهرزاد الحكي إعطني حكيا أعطك ملكا . ومن هو شهريار في حكي الشاعرة التي لايسمع حكايتها سوى العراف . من هو العراف تقول :
أفرح في سري
هناك من يريد سماع حكاياتي !
أفتح نافذة الحلم
...................
.................
في الحكاية تتربع ( بلقيس ) على أفق وموروث تلقائي يتمثل في سردها العجيب للحكاية وهي إنما تتفرد بهذا النوع مجسدة دينامية الفعل وحركته في مجازاته أو إشاراته وصولا إلى توظيف الجانب السيميائي وهذا ماتراه في سحر الحكاية القصيدة التي تقول :
تلعثم العراف
تفقد عفاريته ..
العفاريت : غدت في بحر الحكاية سريا
قد نسي العراف
فاصفر لونه
ضرب الأرض بغصن رمانة بكر
ومثلما هي تبحث عن شخوص حكايتها الشعرية إلا أنها لا تغفل توظيف العوالم الأخرى  في صورة الطيف وهو  ماجعل تجربتها أغنى في رصد المونولوج الشعري قالت  : في قصيدتها ذكراك دفئ
في مراتي
قيامة الذكريات : قامت
فأراك تفك قيود جدائلي
............................
............................
طيفك : أسكرني
غمرني بالدفئ
فتس ___________ اقط المخمل
قطعة
قطعة
ت
س
ا
قط ..... المخمل
في النوافذ الست لحكايات ( بلقيس ) تتشظى نوافذ أخرى على صدر ديوانها تصل إلى خمسين نافذة كانت أكبر تلك النوافذ هي نافذة العنوان (إمرأة من رمل ). التي نحن بصدد استقرائها .
(إمرأة من رمل ) مشروع ذاتي الشكل جمعي الباطن . وهو انكشاف وتفكيك لمفردة الممتنع والرديف . المتحول والثابت . المتحول صعب والثابت أسير موروثه والفاصل بينهما هذا الإنهمام في حركة الأشياء . ( بلقيس خالد ) تمكنت باقتدار من تفكيك مفردة وطن في قصيدتها التي أثارت جدلا موضوعيا حين تقول فيها .
هذا الذي تحت نعلي وطن !!!!  ... في قصيدة وطن وامراة في النافذة السادسة من الديوان التي كانت عتبة النافذة هي تهويمات .. الرمل
قدمت له الرجال
قدمني .. إلى .. حوصلة البؤس
هذا الذي تحت نعلي
وطن ..
حين ارتوى من الدماء
صار مسرحا : على خشبته
يتناثر...
رماد النساء .
وحين تختم الشاعرة قصيدتها في استقراء الإشارة الدالة على أن الوطن الذي تعاتبه  الشاعرة ماهو إلا رجل هي تمشي على ترابه وبغيره لايمكن أن يكون لها وطن اخر قالت :
يابنيتي ..
وطن
المرأة
رجل .......
هنا يفهم القصيد بغير أوانه  . اعتمادا على الشكل . لكنه في الحقيقة أن المعنى جاء مقلوبا . لايمكن للنعل إلا الاحتفاء بالرمل الذي يتكون منه الوطن . الموتى يدفنون في رمال الوطن هذا الوطن كما يعبر عنه أبو العلاء ( الا من اديم هذه الاجساد ) فالأجساد التي حملتها الشاعرة بأبعادهاالثلاثة هي المرأة من زجاج والزجاج من رمل حين يصل إلى الذروة ورمل الزجاج يدفن فيه الموتى فكيف لا يكون إذن هذا الذي تحت نعلي وطن ؟ . أكيد الوطن ورغم قداسته لكننا ندوس عليه كما يدوس علينا . إخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى . فهل نحن من المقدسين أوطانهم أو بالأحرى هل إن اوطاننا تقدس دمائنا التي نزفت على الرمل .تقول في قصيدة رمل عصير الحروب :
صارت البلاد كل البلاد
ساعة رمل
الشاعرة تكتب الزمان في حركة ساعة الرمل المثيرة وهي تذرف غبار عقاربها الرملية لتكتب التاريخ . في النوافذ الخمسين لديوان الشاعرة نرى الترابط الموضوعي وكيف أنها كانت  دقيقة في ربط إشاراتها الدالة على الحكاية التي ضمنتها الديوان كله والتقسيمات التي جاءت بها هي تقسيمات تتشظى حسب تسلسل الإشارة الداله فكانت نوافذها الست بدءا من حزمة ضوء  التي انطوت على ثمان عشرة قصيدة بينما إنطوت نافذتها الثانية حضور الغائب بست نوافذ وهكذا .
     إن البوح الذي كانت عليه قصائد الديوان كان بوحا ارتقائيا . فهي طقوس غاية بالبعد النساني بل هي أنين مسموع كونها كتبت من أنصاف الجمل حراكا لحكايتها لذا فإن قصائدها مكتوبة بالمقلوب لذا فإني أقول إن المرأة في قصائد ( بلقيس ) هي إمرأة ورغم عاطفتها قوية كالزجاج بل الماس الذي يقطع الزجاج . الدهشة والفراغات والصدمة في التجلي والتماهي في جسد القصيدة سنراه في ديوانها الثاني .. بقية شمعة ..قمري  ... هايكو عراقي فلنتعرف على بوحها الاخر .
ديوان : بقية شمعة : قمري
هايكو عراقي       
   . قد يتفق هايكو ( بلقيس ) من حيث الشكل العام لأسلوب الهايكو الياباني وهنا لا بد أن أعرّف بالهايكو الياباني أولا حتى لا ينفذ الإلتباس إلى المتلقي حين يظن هذا انطباعا للهايكو الياباني وقبل أن ألج في التفاصيل . فلا بد لي أن أعرج على الهايكو أو الهائيكو باليابانية هو نوع من الشعر الياباني يحاول الشاعر فيه أن يحول الألفاظ البسيطة والساذجة في التعبير إلى مشاعر عميقة تترك أثرا عميقا في النفس . وتتألف أشعار الهايكو من بيت واحد  فقط مكون من سبعة عشر مقطعا صوتيا باليابانية وتكتب عادة في ثلاثة اسطر خمسة ، سبعة  ، ثم خمسة . وقصائد الهايكو هي قصائد قصيرة تستخدم لغة حسية تتصور إحساسا أو صورة ويكون مصدر إلهام هذه القصائد من جزيئات صغيرة في حقل أو بركة أو خيط عصفور أو تجربة مثيرة للمشاعر أي أن هذا النوع يعمل على تسجيل اللقطات التي تمر على الإنسان . وكان مجموعة من الشعراء قد ابتدعوا ذلك .
أما قصائد الهايكو عند ( بلقيس خالد ) فهي نمط اخر للهايكو أطلقت عليه هايكو عراقي  تتجلى فيه خصائص انبعاثية لفكرة ملحة وتسجيل لرؤى جامحة وفاعلة .
وإذا كانت قصيدة مايطلق عليه بقصيدة النثر هي ومضة فإن الهايكو عند ( بلقيس خالد ) هو ارتداد الومضة أي أدق جزيئات انزياحها وهي ترسم حركة شخوصها بحروفها الإستثنائية التي تتحلى بالدقة والمعنى  . وهو  هايكو مختلف يتعامل مع المحددات النصية وهو حواري منطلق من الذات إلى الاخر ، والمتحركات في نصوصها لها أنساقها والشخصنة المتخفية هي قوام ذلك الجسد النصي . أو إنه مفتاح لتماس ارتقائها إذ تضع القارئ في حيرة من أمره حين يضطره النص للعودة لمرجعيات خاصة تخوله أصلا الدخول إلى عالمها أم لا . سواء أكان ذلك العالم إفتراضيا أو واقعيا . لأن بوح القصيدة عند الشاعرة بوح صارم المعالم رغم رقته وعذوبته .
هايكو ( بلقيس خالد ) تجربة فوق ذاتية يتجلى نصها بسيرورة التكوين . متجاوزة الحدود في الدهشة . الدهشة كحدث مركزي . تصفعنا . تتمرد علينا . تقفز تنزاح بفرادة الكلمة .الجملة ثم مجموعة المنعرجات المتخفية في جسد النص .
التخفي الكامل :
وكعادتها فهي تفتح نافذة الحكي وكما قرأنا نوافذها الست في ديوان (إمرأة من رمل ) فإنها تفتح في ديوانها بقية شمعة لكنها هنا تترك نافذتين اثنتين تعرج من خلالهما إلى زمن التخفي الذي تفردت به ( بلقيس ) وصار ركيزة من ركائز تجربتها الشعرية . وفي نافذتيها يتجلى بوح اخر .القرط الأول والقرط الثاني وماينطوي عليهما من إشارات دالة على معنى الحكاية  أرسلته الشاعرة كخطاب سيميائي مباشر . على أساس أن هناك درجة من درجات التلقي قادرة على استلام تلك الشفرة تقول بصمتها المشفر دون كلام بل إن الصمت هو  الذي ينبئ بأن حدث الحكاية مرهون بذلك فتقول في نافذتها أوتار بكماء لاتتكلم وقد تفرعت هذه النافذة من العتبة الأولى و القرط الأول الذي انزاح على رؤية أخرى أطلقت عليها الشاعرة غصون يبللها القمر وفي الوتر الأول تبدأ الشاعرة بوحها الأول .
مر بي
دون اكراث :
قالوا ...
: ضربة حظ
أفقدته الذاكرة .
أما الوتر الثاني فالقصيدة تبدو بكماء لكن في حقيقتها أن ثمة جمل كتبت هاهنا بحروف وصلت الى الستين حرفا .وهنا تكمن قدرة الشاعرة على التخفي خلف لغتها المتعالية .
......... السطر اأول  لتسعة حروف
................. السطر الثاني 17 نقطة تعادل كل نقطة حرفا .. إذن نحن أمام جملة مكونة من 17حرفا .
................. وفي السطر الثالث يتكرر نفس العدد من النقاط وهذا يعني نفس العدد من الحروف .
................. وفي الرابع يتكرر نفس التشكيل  ويكون مجموع النقاط في الأسطر الأبع 60 نقطة تساوي ستين ( 60 ) حرفا .
والوتر الثالث
حسرة في
: البئر .
ألا ...
من
حبل
.........
أي حسرة هي التي تتوغل في البئر .. ؟ تلميح لتلك الصورة التي كان عليها يوسف عليه السلام ألا .. من ماذا ؟ فراغ ....من حبل .. كيف يكون الحبل . هل هو دلو نجاة مؤقت أو حبل الحياة الذي سينقرض يوما ...... فراغ  تأول أيها القاري بما شئت !
وفي الوتر السابع تقول :
تحيطني ..   
بطلاسمك   !
مس .
: أنت
يرهقني .
تلك هي بعض نماذج من الفراغ الإشاري لمحذوفات في حساب الجملة ومايؤول في تحليلها نجد أن هذا الترك المتعمد في جسد القصيدة لايخرج عنها بل جاء مكملا لذاتها ولايمكن للجملة أن تستقيم إلا بمعرفة محذوفاتها الأساسية . وهذه مسؤولية المتلقي في ملأ تلك الفراغات بما يتناسب مع النسق . ومن الأوتار إلى الجهات الأربع  تمتلك الشاعرة القدرة على الإنتقال المباشر من معنى مجازي إلى اخر أعمق منه لكن بذات التشكيل المسيطر على جسد القصيدة  ففي جهتها الأولى تقول :
- سأشرب الدمع
حتى
أصير بحرا
..........
.........
نهر أنا .. كرهت عذوبتي

فالمجاز كمفهوم للضمن يبتعد عن الجملة الكلشيئية التي تقوم بإظهار الحدث لكنها لاتقوم بتحليله إذا يتبنى النص زرع العديد من الملامح الاشتغالية في ان واحد ويمد خطوط اتصاله فيما بينها في نسق دائري محكم .تلك هي طفولة نصية كانت ترنو إليها الشاعرة حين يختلط الثابت والمتغير في رسم الصورة ومداليلها المركزية . وهو إنما يتمركز في اللاشعور بحثا ثوابت في الذات تنساق مع الحدث وتتبنى ردود الافعال القائمة به .
قلق
- في حضرة القلق ،
لماذا تتيبس
: الدموع  ؟
- سمكة .......
والفالة .....
في قلبي ذات ثلاث مخالب
: ق         ق

     ل


تلك هي المقدرة التي ظهرت عليها ( بلقيس ) حين جمعت بين الحرف النقاط وبين الرمز والرسم والنص في أعلاه يؤكد أن الشاعرة لاتكتب حروفا بل تضع إشارات مرورية كونية بل ترسم لنا صورا تتحرك ولو نظرنا للمقطع الحرفي الأخير لوجدنا ألقاف المتكرر ينتج عنه في أسفل القصيدة لام  وإذا دققنا النظر فيهما لوجدنا رسما حقيقيا لحالة القلق بعينية اللتين فارقهما النوم لأن حرف القاف يشي بمعاني القلق والترقب والسهر . ولو دققنا أكثر لوجدنا أن الحروف الثلاثة الأخيرة توحي لصورة وجه ينظر دقق معي .
الأروع في تجربتها أنها ترسل شفرات بعيدة المدى تصلح لزمن قادم وكأنها تستقري مع المتلقي العليم سر تلك الخطابات . وبالفعل إن المتلقي لهكذا نوع من الخطابات إنما ينطوي على إدراك بها وتحليل لملامحها السيميائية والإشارية .

ديوان : سماوات السيسم
قلنا: في ماسبق من استقراء لمنجز( بلقيس خالد ) الشعري . إنها شاعرة تمتلك بعدا إشاريا واضحا كونها تؤسس لتجربة فريدة تتعامل مع الوظائف الانثربولوجيا المتاتية من طوفان التراث وبما يبثه لنا من افاق في الذاكرة الجمعية كخزين يتوافق مع حركة الراهن المتماهي في دلالاته الانبعاثية . ولاشك عندنا أن ( بلقيس ) قد وظفت ملامح مونولوج شعري قابع في ممارسات أهالي الجنوب الذين ينطوون على كنوز من الإرث الحضاري والفكري  جعل  (بلقيس ) تتجشم عناء السفر إلى حاضرة الأهوار لتكون على مقربة من استقراء حركة الشخوص هناك والفطرة المتاصلة في حياتهم . ومن العتبة النصية الأولى تطالعنا الشاعرة بسماواتها المتعددة الافاق وأول أفق في حضارة الجنوب ذلك الصندوق الغريب الذي عدته بلقيس إنه صندوق الحكايا والذكريات صندوق حضارة متقدمة لكشف متطلبات الناس هناك حين كان جل مهر النساء المترفات صندوق من خشب السيسم الجميل وما نقش عليه من سيرورة النجوم جعل الشاعرة ترسم صورة للنجوم التي نقشت عليه من الفضة على جسد من الخشب النادر فكانت لها الصورة في بعدها الجمالي تتشكل سماوات مترعة بالنجوم على السيسم وهو أفق واسع  تتجلى فيه مقولة السماء في بعدها الإشاري من صورة مصغرة لسماء على الخشب ونجوم من الفضة في صندوق تتعالى في الافق الكوني لما يشعر به اهل الجنوب وكيف يتأتى ( لبلقيس ) أن تنزاح من أبعاد الفلكلور المحلي إلى عوالم في أفق السماوات وأي فضاء سنستقري في ملامح هذا الصندوق وأي بوح سيتجلى في ديوانها سماوات السيسم فلنذهب إلى هناك .
في بداية استنطاق نصوص ( بلقيس ) يحق لنا أن نكشف سرا أن صندوق السيسم كان إرثا لثلاث جدات الأولى صاحبته ومالكته الأولى حين كانت تدخر فيه نفنوفها النيلي ووردات بيض تطرزه وقلائد من الورد وقاررة عطر أضنها قارورة مسك أو عنبر وقداحة للجد الأول الذي قدم لها مهرها الصندوق تقول ( بلقيس ) في قصيدتها ( عطرها إذ يمر) .
بطراوة ماءٍ رقراق
بترف فراشةٍ
يدي هامسة.. ،تفتحهُ
......................
.. ماتغير شيءٌ
الزهرات البيض تتماوج
في نفنوفها النيلي..ماتزال.
قارورة تمكث فيها بقية (دهن الورد)..
قلائد من قرنفل وهيل
كتلة من بخور جاوي..
قداحة جدي وعلبة سكائره الفضية..
مسبحة  السندلوس..
علبة ماكنتوش كبيرة..
أفتحها...

وهذا أول انزياح للموروث تقرر الشاعرة إستقراء خباياه معلنة أن الجدة الأولى هي تأريخ
وإن الجدة الثانية تأريخ وسيط والثالثة والتي هي الراوية العليمة الجدة الثالثة هي الراهن المحكي عبر أسلوب القصص الشعري الذي تهيمن عليه الحكاية . والجدة الثالثة إنما تنزاح في حركتها الأولى حين كانت طفلة تسرق الوقت لاكتشاف مدخرات التأريخ الجميلة لتحكي عبر الاسترجاع  أو العودة بالحكاية إلى متلقي جديد يشابه  حركة الطفلة الساردة ألا وهو الحفيد في سلسلة من تواجد الذوات وهم يتحركون عبر ذاكرة الجمع  مع التكثيف في جسد الحكاية لتعود للأذهان تاريخ البصرة المجيد بروائع تصميمها . هذا هو الهايكو عند ( بلقيس ) حينما تتحول الجزيئات الصغيرة إلى حكايات من الموروث تعيد للذاكرة جمال الأشياء التى كانت هنا ثم استحالت إلى ركام . بفعل الحروب العشوائية التي غدرت بالمكان . وهي تؤسس  لبناء أمكنة مطاوعة تستهدف البشر حضارتهم . تقول ( بلقيس ) في نصها نفسه .

ورقةٌ
.. تهاوت مخلفة ً
.. إبتسامة أبي..بسدارتهِ العسكرية
 صورة فوتوغرافية :عمي  بشاربه الكث..
خلف زجاج مكتوب عليه (مطعم وندي همبركر)
 يرفع إستكانة الشاي إلى شفتيه مبتسما..
.. خالي الأكبر
(في صورة)..يعبر جسر المغايز
 ساعة سورين
أصبعها الحازمة:(ثمانية وثلث)
ثم..
أمسك صورتها بكلتا يدي..
:الطفلة التي كنتها
واقفة لصقها، أطوق فخذيها
بأغصاني..
الإسترجاع النصي لحكايات ( بلقيس ) يتفاعل  بتقنية المونولوج الحكائي بشاعرية القصيد ودلالات الصورة الموحية إذ أن ( بلقيس  خالد)  استخدمت تقنية الصورة لسبر حركة تاريخ مدينة كانت ملامها ذات يوم هنا بدءا من قداحة الجد وعلبة سجائر الّلف الفضية  ومسبحته السندلوس ثم العودة إلى العلبة المدنية وهي صندوق صغير يحتوي الأدق من الذكرى أشياء ومواريث الجد الأول . ثم أبي الذي إدخرت أشيائه أيضا من خلال العودة لألبوم الحدث والصور الدالة منها ابتسامة الأب الثاني بسدارته العسكرية وهي دالاله على عسكرة الأتراك وصورة أخرى  لعمها بشاربه الكث  وهو يجلس خلف زجاج كتب عليه وصورة أخرى لخالها وهو يعبر المغايز . وساعة سورين واسترجاع اللحظة الزمنية هناك إنها تأرخة الدليل الموحي لأشياء كانت . الساعة تشير إلى الثامنة والثلث . إنه توثيق زمني لدقائق الحياة بشكلها الواقعي دونما تزويق أو فلسفة  .
الراوية تتكلم عن طفولتها : وهي تصف تأريخ لحظتها حين تمسك الطفلة صورة ساعة سورين .. الطفلة التي كنتها هي التي تحدثكم .تقف بجوار الساعة وكأنها تلتصق بفخذيها . تلتصق بتأريخها وكأنها بنت هذه اللحظة  ثم تعود للإسترجاع لجدتها الأولى وهي تؤرخ لثيابها الهاشمي وهو ثوب بصري خليجي جميل . وهي في الصورة تراها الطفلة وهي تتانى في ارتداء فوطتها . فلك أن تعرف عزيزي القارئ أن ( بلقيس خالد ) لم تؤرخ للجدة الأولى والجد والجدة الثانية والأب بل العودة الى الحفيدة التي تتصل بها عبر الإرث . كل هذا تسجيل لقصة مدينة بشخوصها عبر عقود خمس لا أكثر .

حافة الصورة يابسة..
 اليباس أطرّ الصورة بصفرة الزمن..
جدتي...
سامقة...،شجرة ترفل بالهاشمي..بدانتيلهِ الفاخر
..أراها  في الصورةِ، وهي تتأنى في
ارتداء فوطتها الجديدة..


   الطيف بوصفه معادلا موضوعيا :

      يعد الطيف في مونولوج ( بلقيس خالد )  ارتقاء للحكاية في حركة سرودها وانبعاثاتها . إذ أن لازمة القصيدة في أطيافها تعادل بعدا إشاريا دأب أصحاب المنامات توظيفة كونه بات الأكثر حرية في الإشتغال الكوني للسرد  وبات  خزينا تتبلور من خلالة المسرودات الذاتية وصولا للاخر تقول بلقيس خالد

زهرة الشمس :عيناكِ
والشمس ..؟
الشمس: كرة أفراح
الكرة تتدحرج..
الخطوات.. رويدا رويدا تتسع
تتسع..
  وأبتسامة الضوء: تتسع معها،
من ثغر أحلامك..
فراشات
رفرفت
من حريرها ولدت سبعة أطياف
الطيف الأول..دميتكِ..
والطيف الثاني دميتكِ..أيضا.
صَمتُ...برهة ً
أتأملها فاغرة الدهشة
ثم ...
تساءلتْ :و.... الثالث..؟
:ِمن .. الثالثة..ستولد بقية الأطياف
تساؤل عينيها يغمره نور الشفتين
نهضت متسائلة: أين ..ال...
(لعبة اللابتوب)؟

     إن اشتغال ( بلقيس خالد ) على الطيف . يأخذنا إلى سرد الحكايات وانشغالاتها المتعددة وهي تختار امكنتها الافتراضية في جسد الحكاية الشعرية وحواراتها .. والمتتبع لنصوص ( بلقيس ) سيجد بعدا اخر يتخفى بين سطورها في كل نصوصها وهو فاعل ذات مجاور لايكاد يفارق ظلال قصائدها وهو الطيف الذي ابتنت الكثير من حكاياتها على همس مشاعره وكأنك تتلمس وجوده في ذلك البوح الكوني في خطابها وتدرج شفراتها لإستدراجه في قصص حكايتها ونقاط حروفها والفراغات التي رحنا نفتش عنها قد نصل لفهم القليل منها لكن في الغالب تبقى تلك الفراغات عصية لايمكن استقراء بوحها لأنها في خزانة السيسم لدا الشاعرة ومن العسير الكشف عنها , ومدى الترابط بين الموروث  في حركة الأجداد وبين الحفيدة التي على لسانها سيكتب التأرخ والتي أهدتها الشاعرة ديوانها وفي القصيدة الأولى كانت تناجيهما في البدء  تقول: 

.. أشرأبتْ    
و لم ت
 بيديها، فلح (رينا)،
 في إمساك لوحة
 رسمتها (هيا)،
 بحفنة تراب
على...
وجه...
 الريح ..
وفي الكشف الأكثر استقراء لحاضرة المدينة المعذبة بالحرب تستقري ( بلقيس خالد ) نبوءتها في أن البصرة ستحترق وهذا لن يأتي من فراغ إلا من لعبة الحروب وتكالب الأعداء على المدينة الغافية في بطن التأريخ .  تقول :

الجناحان..لغة عالية
حاول..
يحاول..
....... الإنسان ارتداءَهما
فتدحرج
في
هواء البياض.
عصفورة بكت..
:كل شيء تعلمتهُ وحدي إلاّ..
         بياض البياض 
جففتْ جناحيها وحلقت..
:كل شي تعلمتهُ عرفت..
إلاّ.. حرية الأجنحة ...من يعرفها؟
:جدتي هذه طائرة شبح
لا عصفورةٌ!
جدتي أنظري .. إحترقت البصرة..
:أنظري ..
طائراتي تحرق البيوت
:هل بيتنا بين تلك البيوت ياصغيرتي
.. جدتي هذا.. (فديو كيم)
:عاصفة الصحراء!
أخلص للقول : إن تجربة ( بلقيس خالد) تنطوي على العديد من المحددات النصية والإرتكازية كونها أي الشاعرة تمتلك الفرادة في هذا النوع من الشعر . وتؤسس لنوع يمتلك الممكنات التي تدفعنا التأمل كثيرا في تجربتها الغنية بعوامل الجذب والإرتقاء في حركة نصوص باهرة غفل نقاد الإنطباع عنها وراحوا ينأون عن تشكل ظاهرتها العراقية بل البصرية لأن صورها من المحيط البسيط المجاور والمتحول إلى عمق فلسفة التوليد لماهو قادم في سياقات الحرف مقابل الرقم لتنحسر بعد ذلك الجملة الكلاسيكية المكرورة هروبا من الملل والإرتجاج ودفعا لسأم الموضوعات السمجة الباهتة .. الشاعرة ( بلقيس خالد ) مشروع يشي بالكثير من الإبداع والتشكل بدءا من تشكل الرمل واستنطاق حركتة في التفاتة جميلة للصورة التي يتأتى منها الرمل في أطوار تشكله في نجاح باهر حين عملت على أنسنة الرمل وحددت  ملامح ارتقائه . وفي الارتقاء الثاني نجحت في رسم مشروعها الجميل وهي تبتكر الهايكو الخاص بها والذي أطلقت عليه الهايكو  العراقي و الذي نجحت فيه الشاعرة لرسم صورة حركية للحروف المهملة والتي أعادت استخدامها بشكل مغاير وفي الإرتقاء الثالث استطاعت ( بلقيس خالد ) أن تؤرخ لتأريخ مدينة ظلمت على مر العصور منذ أن كانت مدينة ينطلق منها الغزاة بحجة الفتح  إلى أن وصلت إلى ماهي عليه من البؤس ولم تتغير  . وأنا بعد قراءتي النقدية هذه وضعت أناملي على عصب التجربة الكبيرة التي رسمت خيوطها بدقة . وأنا لا أملك إلا القول بأن ( بلقيس خالد ) سيكون لها الدور الفاعل في رصد حركة التوجه الشعري النسوي وسيكون نجاحها مرهون بنجاح تجربتها الرائدة . إنها اللحظة التي نكتشف مقدرة شاعرتنا البصرية على الخلق والابداع محليا وعربيا وعالميا .
الناقد الاستاذ الدكتور ناصر الاسدي / جامعة البصرة / جمهورية ا

عن الكاتب

.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بلقيس خالد

google-site-verification: googlee09bc7865ace1b6b.html