لثغة المجنون: اغنيتي
من حكايات شمس والمجنون
بلقيس خالد
-23-
شمس والمجنون.. عاشقان، فررنا من غابات الليل
الأخضر إلى صحراء النهار القاحلة.. لا نهر ولا طين
ولا شجر بفيه نقيم.
قال: شمس عظامها من تين ..
قلت : المجنون روحه من فايروكس، وهو كالليل منعزل في ذاته. قال: شمس عالية
دائما. ملتاع يتساءل: أين كنت؟ لماذا تأخرتِ عني ربع قرن؟
لذت في حيائي، فعالم المجنون غريب ويشعرني بلذة غريبة.
قال بنرجسية عالية: لا يستحقك سواي، لا تفهمك سوى روحي، وسوى قلبك لا يغفر
للطفل عصيانه وحماقاته، أنا يا شمس استحقك لأنكِ أناي.
في عينيه تغرق عيني والكلمات تتزاحم ..تتزاحم على لساني وعلى شفتي يشتد
اللهيب.. تفر مثل فراشات، إذ حتى اللحظة .. وقبل اللحظة لا خطاب رسمي بيننا، لا
إفصاح. لنا بلاغة لثغة الطفولة.. وبلاغة الدمع السخين / في الشارع / في الكلية/ في
الكوستر/ عند الظهيرة أو عند ألتماع النجوم، ولنا عناقات الحلم واشتباك أغصان
الأيادي في الأماكن الناصعة.
يتنهد هامسا: لي احتمال السجين المناضل، ولك رقة الخزف الصيني الأصيل الذي
يكسرني ولا ينكسر أمامي، مباركة أنت ياهديلي الأخضر، ولذيذة مثل الكاكاو، ومبهمة
بطراوة مثل اللغة الصينية.
ابتسمُ تحت خيمة الحياء، دائما يرسم على فضاء ملامحي ابتسامة ويزرع أفراحه في
أعماقي .. تثمر فيض من السعادة، كلماتي ترتجف ضعيفة أمام فيض مشاعره، ماذا
أقول؟ وكل كلي نسمة من هواه. همسه تحدى المسافات وعانقني .. عناقا ارتجفت له
أجنحتي، طير أنا حين أكون معه تتحرر روحي من احزانها،.. أغدو طفلة حالمة
راقصة بين يديه. يجتذبني همسه: شمس، الصوفي الذي بي يتماها في لازورد
كينونتك، والطفل الذي انا.. يراك مغفرة كبرى، وأنا الطاعن في النار الزرقاء، يراك
الكريستال المرتجى.
أتساءل في ذاتي: ياشمس لماذا حين ترينه ترتجفين كعصفور هبط عليه وحي النبوة؟
أليس الربيع مكانا لزمان الورد؟
صاح ملتاع: حدثيني، صمتك مطرقة خشبية تفتتني.، شمس لو لم التقيك لكنت بليد
الحواس، لو لم التقيك لم أبصرة هيبة الماس، احتاجك قبل النوم وبعد النوم وفي
الإفطار، احتاجك احتاجك فأنت سمائي جبلك الله من أعالي الأزهار.مثل نغمة الكونتر
باص.. هبط علينا الصمت، بينما الأنامل.. تواصل الحديث.