بلقيس خالد

الموقع الرسمي للشاعرة والروائية بلقيس خالد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

بلقيس خالد وترسمية الدوال المشيدة والمحاثية.. الناقد حيدر عبد الرضا/بصرة



بلقيس خالد وترسيمة الدوال المشيدة والمحايثة**
انصهار الدلالة بطريقة الاستجابة العضوية**
حيدر عبد الرضا-البصرة
عند قراءة تجربة قصائد ديوان بقية شمعة قمري للشاعرة بلقيس خالد، نكتشف بأننا أمام لجوء الذات الشعرية وفي كافة تفسيراتها ومؤولاتها وتصوراتها الظاهرة والباطنة، الى مجالات مقارنة من أفق تحديد الوعي الجوهري، كقوة مقصدية تمضي بنا الى معرفة المعنى الإيحائي المباشر، المتآت بموجب سلطات تصورية وعلامية مفروضة، من حدود محاولة الافصاح القولي ذاته في القصيدة.. وقد يتضح العكس أحيانا، لاسيما إذ كانت صورة القصيدة انبثاقية من حياة يفوقها المقصود والتناول التساؤلي والاكتسابات التعارضية الواقعة في خطاب النص، كفعل حالاتي مندرج تواصلا واندماجا.. ان علامات الفراغ والتنقيط والاحتواء البياضي، نجد لها دورا هاما في معمارية وقرار شكل قصيدة بلقيس خالد، وهذا الامر بدوره، سوف يرجح للقارىء ثمة تصورا ما، بأن كيفيات هذه القصيدة، ما هي ألا انطلاقا نحو مقترحات خالقية مؤجلة أو ضمنية الاعتبار والتكوين من معنى النص. لعلي أنا شخصيا مقدرا لصور اعترافات الشاعرة في بدايات الديوان، وذلك في قولها، على ان قصائدها تنتمي الى شكل قصيدة الهايكو ولكن لو دققنا قليلا من البصيرة في مشروعية قصيدة بلقيس، لوجدناها تفوق الهايكو طورا وشكلا ودلالة، لاسيما وان طابعية تنصيص الهايكو جذرا وافكارا وأسلوبا، تبدو في الممارسة مضمونا تحصيليا ناقصا في القيمة والنتيجة، حيث انه من جهة لا يعول عليه ابداعيا ونقديا، في نتائجية المضامين المتكاملة وظيفيا، وعلى العكس تماما عن ما وجدناه في معالم شعرية قصائد بقية شمعة قمري ..
مر بي..
دون أكتراث..
قالوا..
ضربة حظ
أفقدته الذاكرة. ص15
ان شكلية مقاطع هذه القصيدة التي تحت عنوان أوتار بكماء قد جاءتنا استدراجا لحالات فرعية عنوانية متعددة الخطاب والتلوين المضموني، ولكنها خاضعة لأطار قولي موحد من الصورة والأفق الأستشعاري، فمثلا اننا نجدها على هذا النحو.. الوتر الأول»الوتر الثاني»الوتر الثالث»الوتر الرابع»الوتر الثامن»الوتر التاسع»الأوتار الأخيرة . وعلى هكذا اغواء تتابعية نطالع أسباب الحافزية القولية، وهي تزداد تصاعدا، نحو عناصر السياقية المشتركة مع غايات أحتوائية الشكل الأخير، من فروعية وأجزاء القصيدة. فعلى سبيل المثال، نلاحظ تأسيسات ومكونات محسوسات الرؤية في مجال الفرع الأول الشعري والذي يبدأ بهذه المقطعية القائلة. مر بي»دون اكتراث»قالوا»ضربة حظ»أفقدته الذاكرة . أننا هنا إزاء نافذة مفتوحة على محاور فضاء مركزية دلالات الذات المتكلمة، وهي تشير وتثير محسوسات الاتصال مع مواصفات الأخر وملامح حضورية مشاعر الأنا المنعكسة في صراع الدال مر بي المتحرك بموجب صلات لفظة قالوا غير ان جملة الحال الفعلية
ضربة حظ قد راحت تتحدر تبعا لملاءمة مظاهر احتمالية جملة التوكيد الظرفي أفقدته الذاكرة . وعلى هذا المضي تتكرس حركية أفعال الدوال المشيدة نحو خطاها مع مادة التشكيل الدال في مجالات محايثة المعنى النسقي. أما من ناحية مقروئية الفرع الثاني فنجده ينكشف عن مواطن بياضية عديمة المكان الكتابي، أي بمعنى، ان الاحياز البياضي والتنقيطي في هذا الفرع الشعري من القصيدة، بات يلوح الى تقاطب يشتمل على ثنائيات الانفتاح»الانغلاق»الخارج»الواقع»الحلم . وبهذه الصورة التندرية، تبدو عينات هذا المشهد الثاني من الوتر، تابعا لفضاء منقطع يجمع ما بين التواصل»الانقطاع .
ثنائية الانقطاع»التواصل
لعل من اهم تقاطبات خطاطة قصائد بقية شمعة قمري هو تميز ملامح المكانية الشعرية حيث سوف نقرأ منها نموذجا من قصيدة حقائب
ليل بلا نجوم
من دسه في
حقيبتي ؟
يغني المهاجر
الحقيبة
بيتي
ومكتبتي
وانكساري
عند حدود البلاد
استوقفك
لأخرج
من
حقيبتي.. ص 53 ص 54
ان الامكنة القولية في هذه القصيدة، هي تشكيل احتوائي راسخ في جدلية موضوعة الواقع»الحلم»الصوت»الانقطاع»التواصل»المجاز هناك أيضا اماكن للأنقطاع واماكن للتواصل سوف نفهمها من خلال هذه الترسيمة التتابعية ليل»بلا»حقيبتي»المهاجر»بيتي»حدود»دسه أي بمعنى ان محطات الانقطاع والتواصل في القصيدة، هي سارية مع الاشياء وصورها المختلفة، فقد يحصل الاتصال أحيانا مع كرسي مثلا، وقد يحصل الانغلاق مع فضاء مفردات وظروف انفتاحية جدا. فمثلا لنعاين مقطعية هذه القصيدة، التي تكون فيها عوامل التواصل والانقطاع على هذا الظرف الشكلي من النسق ليلا بلا نجوم»من دسه في حقيبتي . ان الصوتية المدلولية هنا قد جاءت متناسبة مع ديمومة فعل الاستفسار الظرفي من دسه لتشكل سلوكا مقتصرا على موقف الحال الاسنادي من زمن ملفوظ ليلا بلا نجوم ولكن شاعرية الدال في هذا الموضع ليلا نجوم باتت تشكل في الحال أسلوبا موقعيا تأثيريا وخبريا، لربما لا يكتمل دون علامة الدليل في حقيبتي ليلا بيتي . وهذه الموقعية بدورها يمكن فهمها على انها غائية استكمالية في مفهوم الاستفهام، حيث تبدو متآتية من قبضة دال المركز ليل»حقائب . وكل هذه الجمل التوصيفية في البدء، لربما يمكنها من ان تشكل تلافيف لدلالات تواصلية مع مفهومية حقل الانقطاع في المعنى الانشائي الكامن في هذه الجملة يغني المهاجر »يغني تواصل»مهاجر انقطاع» حقيبتي تواصل»انكساري انقطاع»البلاد تواصل»حدود انقطاع»لأخرج تواصل»من مصدر تواصل انقطاع . ما يعنى هنا هو ان دلالات التواصل بوصفها انفتاح، قادم من فضاء تشكيل الحاصل من واقعة الصورة الاختصاصية في ضمير الاستجابة الحسية، في حين ان الانقطاع يشكل دليلا غائرا في مفردات وأفعال ودوال الشكوك والقيم النهائية
نصية الفراغ وبياض شكل القصيدة
ان فعل القراءة الشعرية يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار، لمجموعة تصورات لغة الفراغ النصي وتأويلات بياضات الصفحة الشكلية القادمة من زمن فضاء دلالات ومداليل دليل حمولات النص الخطابية، فعلى سبيل المثال، سوف نتناول شكل هذه القصيدة التي جاءت تحت عنوان جهة الأولى
سأشرب الدمع
حتى
أصير
بحرا
….
….
نهر أنا.. كرهت عذوبتي
في
عالم
نقي جدا. ص96
لعل القارىء يلاحظ ما عليه استمرارية فسحة هذه القصيدة في البداية، ثم بالتالي الفاصلة التنقيطية التي ما بين سطر أو سطرين فما معنى هذا ؟ أهو تشكيل احيازيا اعتباطيا مثلا من جهة القصيدة ؟ أم ان النص في خطابه ينكر قول صورية وحضورية المسكوت عنه ؟. لعلنا بهذا سوف ندرك قيمة ما عليه نص الفراغ في توفير تقديرات بعدية ومساحة علاقات القصيدة الشمولية، فمثلا ما أهمية ما وراء صعيدية دلالة سأشرب الدمع»حتى أصير بحرا ثم من بعد ذلك توافينا فراغات سطور التنقيط أهذه يا ترى منطقة بناء دلالات مجهولة ومنحرفة ؟ أم أنها سؤال يوصد الابواب بالفراغ ؟ أم لعلها مقصودية هلامية بحيث انها لاتصلح على صعيد قول أو افصاح ؟ ما معنى ان تبقى في القصيدة ثمة شواغر ومواطن واستمرارية فراغ بياض . ولكننا إذ امعنا النظر الذوقي والموضوعي الجاد في تلك الفراغات السطورية، لربما سوف نرجحها الى ثمة تحققات مؤجلة في خطابات النص. وبالفعل فهذا الكلام منا دقيق ؟ لاسيما وان تتبعنا ما جاء بعد قول بحرا وهو فراغ ثم بعد ذلك جاءت جملة المدلول التصريحي نهر أنا لتتحول بعد ذلك الى بنية من علاقات المعلوم المرسل كرهت عذوبتي»في عالم نقي جدا . الأمر هنا أضحى ضربا من ضروب التقابلات التخاطبية ما بين زمن دلالة حتى أصير بحرا وبين منطقة فراغ، ثم إيعازا خطيا بحمولات مخاطب يحاول اعادة الصورة الى وضعها في تقابلية طباعية السواد وحجم الاندراج الاستعمالي بموصوف جملة نهر أنا .
مساءلة الدوال بطريقة الانصهار المسبب
و نحن مع قصيدة بلقيس خالد لا يمكننا ان نتعامل مع مجريات السبب والمسبب، على أساس من حالة توالدية العلامات في دليل الأشياء والأصوات والمداليل، بل أننا ونحن نطالع تجربة القصائد، وجدنا بأن الاسباب والمسببات، هي شروط علاقة جبرية وانتقائية ما بين الشاعر»النص»الدليل»التوقع»الممكن . وتبعا لهذا الأمر، راحت قصائد بلقيس خالد، تتجاوز الوظيفة الموكولة بفعل التجزئة واظهاريات عوامل السياق التشعبي، بل أننا وجدنا النصوص عبارة عن أصوات دالة تساءل وتناشد مواطن الأفعال الشعرية والأسمية والظرفية والاشارية، بطريقة الانصهار المسبب مع حركة وبراعة فضاء مدلولات الخطاب العام
كسر مرآيا البيت كلها
كي يرى
الفرق بيننا
بحثت
عنه.. وجدته
يبحث عن
تراكم ال..
ألا يعلم الزمان يتراكم في المرآة.. ص 91
في هذه القصيدة تحديدا، راح ينكشف المتن الشعري عن محمولات هائلة بمتواليات من طاقة مساءلة الدال العارفة، ودون أثارة حال اشكالية السبب والمسبب. فمثلا نلاحظ موضعية هذه الجملة الشعرية كسر مرآيا البيت كلها»كي يرى»الفرق بيننا . ان الامعان بحدود هذا التوصيف المركب جدلا واثارة، ما يقودنا نحو العديد من الاحتماليات المراهنة، كقول القارىء مثلا، ما سببية وعي التشكيل الدلالي في جملة كي يرى الفرق بيننا أليس هناك طريقة أفضل من هذه في الايضاح وزكرشة التوقع بالأحتمال التوصيفي ؟. ولكن من جهة ما، لربما سوف نقود الحق والصواب لصالح الشاعرة، لاسيما وان عملية الانصهار السببي في تركيبة هذه الصورة الشعرية، ما جعلها توفر علينا معرفة الاسباب، بتوفر وذكر، التفاعل والتضافر والتداخل الاستجابي الحاصل ما بين كسر مرآيا البيت الفرق بحثت عنه وجدته يبحث عنه بيننا . وتبعا لهذا التشكيل صار لدينا استعدادا تاما لصرف النظر عن كل الاسباب والمسببات في القصيدة، مادام لدينا مغامرة جادة وحقيقية في خواص انصهار الدوال في أعراف وقوالب خطابية دالة. وفي الختام أقول للقارىء ان مسارية دوال قصائد ديوان بلقيس خالد، لربما يعد هذا الأمرحصيلة علاقات نصوصية ودلالية موفقة في تفعيل مشروع التعاطي الواثق مع دلالات فضاء المعنى الشعري السائر نحو مواطن القراءة والتأويل والفهم الناضج. وتجدر الاشارة الختامية من دراسة مقالنا هذا الى القول الموجز، على ان هناك في قصائد ديوان بلقيس خالد، ثمة دوال محايثة ودوال مشيدة، نفهم من خلالها من ان اشكال القصيدة ووظائفها، راحت تعالج علاقات ترابطات الخطاب الشعري في الفضاء النصي، ومن حدود خصائص استجابة الدلالات ونموها في اطار محايثا ومشيدا، وفي مستوى واحد من البناء النصي المتوحد بسمات ومفهوم النصية الاساسية الدالة في الوجود الشعري.
....................................

/7/2012 Issue 4253 – Date 17 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4253 التاريخ 17»7»2012

عن الكاتب

.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بلقيس خالد

google-site-verification: googlee09bc7865ace1b6b.html