بلقيس خالد

الموقع الرسمي للشاعرة والروائية بلقيس خالد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تاريخ طويل من الفعاليات عربيا صفاء ذياب


                                     تاريخ طويل من الفعاليات عربيا


                                                صفاء ذياب


عرف تاريخ الأدب العربي بافتتاح صالونات أدبية لشاعرات وأديبات كان تأسيسها على أسس ثقافية ومعرفية، منذ مطلع العصر الإسلامي وحتى يومنا هذا، وربما من أشهر هذه الصالونات منتدى سكينة بنت الحسين، وعائشة بنت طلحة، ونزهون الغرناطية، وولادة بنت المستكفي، حتى العصر الحديث الذي ازدهرت فيه هذه الصالونات لتكون نموذجاً ثقافياً موازياً للنماذج الرسمية التي كان الرجل هو المتسيد فيها، منها: صالون مريانا مراش، وصالون مي زيادة، وصالون ماري عجمي، وصالون ثريا الحافظ وغيرهن كثيرات.
وفي الوقت الذي لم تسع فيه المرأة العربية – قديماً- لأن يكون صالونها نسوياً خالصاً؛ إذ كان من أهم ضيوف صالون ولادة بنت المستكفي وصالون مي زيادة؛ نموذجاً، من الرجال، شعراء وكتّابا وسياسيين ورجال دولة، انبثقــت في أيامنا هذه صالونات نسوية تعنى بأدب المرأة، لكنها بدأت تأخذ منحى آخر، فقد شكَّلت المرأة وأدبها- حصراً- محور هذه الصالونات والمنتديات الأدبية، وهو ما شكَّل اعتراضاً كبيراً من قبل أدباء على هذا العزل. ففي العراق؛ على سبيل المثال، افتتح قبل سنوات منتدى نازك الملائكة، في اتحاد الأدباء والكتاب في بغداد، وقبل شهرين تقريباً افتتح في اتحاد أدباء البصرة (منتدى أديبات البصرة)، وهو ما تم الحديث عنه طويلاً حتى بدأت المشادّات الكلامية بين الكثير من الأدباء والأديبات في هاتين المدينتين.
ومن أجل الوقوف على أهم مفاصل هذه المنتديات والصالونات الأدبية عراقياً، كان لنا حديث مع أديبات مشاركات ومترئسات بعض هذه المنتديات لمعرفة أهم ما يميز هذه المنتديات، وأسباب تحديدها بالمرأة فحسب
.

منجز المبدعة
القاصة إيناس البدران؛ رئيسة منتدى نازك الملائكة، تشير إلى أننا لا نأتي بجديد إذا ما أشرنا إلى شحة العطاء النسوي في عالمنا العربي، وتحديداً في العراق، مقارنة بعطاء الرجل، لأسباب معروفة، ناهيك عن أن المبدعة تعرضت لظروف شديدة القسوة ولم تمنح الفرصة لممارسة دورها في الحياة الثقافية، فضلاً عن الإهمال من قبل المؤسسة الثقافية الرسمية والتهميش والوأد النفسي، الذي عانت منه طويلاً وما تزال، وكل ما قدم من قبل المرأة المبدعة جاء بجهود فردية غالبا، تجلّى فيها الجهد الاستثنائي المبذول الذي يستدعيه حضورها الباهر والشجاع عبر تمسكها بحقها في الاشتغال لتحقيق كينونتها وإسماع صوتها لتحقيق التغيير المطلوب وهي تواجه بمفردها العيون المتلصصة وأسوار اللاءات والمحرمات وطواطم جثمت وهيمنت على العقل الاجتماعي لقرون. وتضيف البدران: إن تأسيس أي منتدى ثقافي أو أدبي من هذا النوع بالتأكيد ليس بقصد التجنيس، وإنما لتسليط الضوء على منجز المبدعة العراقية، دعماً لمسيرتها وترسيخاً لدورها في المشهد الثقافي العراقي، وإغناءً لتجربتها الإبداعية ومنحها الفرصة الكافية كيما تضع بصمتها على خريطة الإبداع العراقي.

الحصار بالأسئلة
في حين تتساءل الشاعرة بلقيس خالد؛ رئيسة منتدى أديبات البصرة، إضافة لتساؤلاتنا التي قدمناها لها: لماذا هذا العمل الثقافي البسيط (منتدى أديبات البصرة) لا يثير سوى تكرار هذه الأسئلة نفسها؟ مضيفةً أن سنوات كثيرة مرّت على تأسيس بيت الشعر وبيت السرد وغيرهما من البيوت الثقافية؛ لكن بصمت ومن دون أي جلبة؟ وترى خالد أنه أحياناً نرى ضجة لا ثقافية، لا تخلو من افتعال حدث لا وجود له.. فنحن على مشارف العشرة الثالثة من القرن الواحد والعشرين، وانبثاق هذا النوع من المنتديات ضرورة اجتماعية وثقافية، تجسد خصوصية تجمع نون النسوة، لا انعزال فيها ولا انتباذ عن واو الجماعة. ومن خلال هذه الخصوصية نردع تشتت جهودنا كأديبات بصريات عراقيات، هذا المنتدى يشجع النسوة المترددات، على التقدم والمساهمة في الحراك الثقافي، بالأمس تشجعت امرأة بصرية على مستوى من الرقي وزارت الاتحاد بمعية ابنتيها، تريد أن نقبل البنتين ضمن منتدى الأديبات، وهذا يعني أن منتدى أديبات البصرة، تضوع عطره الزكي في مدينتنا وزيارة السيدة والبنتين تعني بشارة خير. وتؤكد خالد أن اتحاد الأدباء كاد يكون ذكورياً للأسف، الأديبات على عدد أصابع اليد الواحدة، ويكاد يكون حضورهن خجولاً ومقتصراً على حضور بعض فقرات المهرجانات والأمسيات الثقافية الخاصة فقط، لكن حين يتوفر منتدى خاص بهن سيتم تخفيف النسبة الذكورية المطلقة، من خلال تواجد الأديبات مع الأدباء تحت سقف قاعة الجلسات الثقافية، وتبادل الخبرات والآراء وتكوين ورشات ثقافية بين الأدباء والأديبات. أما عن برامج هذه المنتديات، فتقول خالد إن أهم البرامج هي ما يشجع الأنشطة النسوية في الشعر والسرد والتشكيل ومجالات الثقافة الأخرى، معتقدةً أنه من خلال هذه الأنشطة ستتشجع الكثير من الفتيات والنساء للمشاركة في نشاطات اتحاد الأدباء من خلال المنتدى، الذي هو رافد من الروافد الثقافية للاتحاد
.

منصة واحدة تكفي الكاتبة والمترجمة آمال إبراهيم تبيّن أن (منصة واحدة تكفي)، فكما الماء، ينساب الإنسان في حياته باحثاً عن أي مهرب أو شرخ، ويزداد الدفق مع زيادة الضغط المسلط على (الروح) الجارية، هكذا تولد الابتكارات، فما هي إلا وسائل للبقاء… من هنا يتبين وجود فعل ورد فعل على طول الخط، ولكنها ترى أن هذه الاستجابة الانفعالية لا تليق بالإنسان الواعي والمثقف لأنها ببساطة تبعده عن خط التلاقي والتحاور وتتحول العملية الإبداعية إلى (نجاة بجلودنا الأدبية) وتأثيث أي زاوية للإنبات والازدهار… نبتة وحيدة.. نوع بريّ متوحد. وتضيف إبراهيم: إن الانغماس بتعميق الخط الأنثوي سيوصلنا إلى السلبيات نفسها التي توصل إليه تعميق الخط الذكوري، فالهيمنة اللاشعورية على المكان ومحتواه والتفهم الذي لا يخلو من الإحساس باللطف، فالكثير من الكاتبات والشاعرات النسويات في العالم مثل أودري لورد الأمريكية بالغن في النسوية حتى لم يبقين للرجل مكاناً في حياتهن، بينما تقول الشاعرة مايا أنجلو (1928-2014) «إن اقوى الثورات في العالم لا تستحق أن تذكر إن لم تؤمن بالحب» وكانت تعلق على الحركة النسوية في أمريكا. وعلى الرغم من أن إسرائيل حازت عدة جوائز نوبل إلا أننا نرى أنه حتى في المجتمعات اليهودية، صّير التفاوت في التعليم بين الجنسين النساء إلى (نقطة ضعف المجتمع)، بالتالي كان من الأسهل فصل التعليم والمؤسسات الحاضنة للمهارات الأدبية حتى تتحقق (عدالة التنافس ضمن جندر مشابه) ولكن في الحقيقة أن الانطلاق مبكراً في سباق النهم العلمي والأدبي للرجل والتزام المرأة بصـــافرة البداية، ضـــيّع عليها فرصاً ذهبــــية تمكنها من التحـــول إلى خط موازٍ بالنتاج الإبداعي كمّاً ونوعـــاً. وحســب إبراهيم، يجب علينا أن نبلور الفهم الهادئ لمشكلتنا الأدبية بالتواجد مع الجنس الآخر، فالتقوقع في جرار الجندر تسوغه القضايا الخاصة التي تحتاج إلى حل بسبب الجندر نفسه، مثلاً عدم تعليم الفتيات وعدم تمكينهن اقتصادياً وكذلك الأحكام الجائرة بحقهن اجتماعياً وشرعياً وقانونياً. أما في مجالات الحياة الأخرى كالشعر والأدب فلا «منصتي هي منصتك، فلا نجعل من رقة صوتنا مسوغاً للانزواء والصراخ في الزوايا المهجورة.. سنكلمكم بهدوء… بالشعر».
فصل شكلي
الاندماج مع الرجل المثقف ظاهرة حضارية كان على المرأة أن تسعى لإكمال حلقتها؛ حسب ما تقول الكاتبة سمرقند الجابري، لكنها في الوقت نفسه لا تؤيد التكوين النسوي «الجندري» ما دمنا نسعى لخلق فضاءات تضج بالحياة، كانت فكرة تكوين منتدى نسوي اقتراح من إحدى الأديبات وأيده للأسف الاتحاد، ولكنها ثمرة يبست بسرعة، ولم يكن ذلك التكوين قادراً على منح المرأة الأديبة ما تستحقه من اهتمام، بل لربما العكس تماماً، أضحى بيئة طاردة للمرأة المبدعة الحقيقية وموغلاً في إقصائها، إذ غلبت الذاتية والتفرد بالرأي على إدارته السابقة حتى أنه استمر عدة سنوات بدون انتخاب، بل تكليف أفقده شرعيته ومصداقيته.
وفيما إذا كان الاتحاد ذكورياً إلى درجة سعي الأديبات للانعزال عن أجوائه؟ تشكر الجابري السماء لأن زملاءها الأدباء خير عون لها في نشر نتاجها الفكري، ولأنهم حريصون على تواجدها في المحافل الأدبية.. مؤكدةً «لم أجد اقصاءً فعلياً، بل العكس، دعمهم وتشجيعهم لي هو الذي حفزني للاشتراك في نادي الشعر والعمل على إحياء جلساته، بل أجد الرجال أكثر مساندة للمرأة من المرأة نفسها وأكثر صدقاً في توجيه المشورة والنصح، لن أتحدث عن وجود لبعض العناصر المشاغبة لأنها أصبحت محدودة وأنا آمل خيراً في الإدارة الجديدة لبعض المنتديات الأدبية، فهي لن تنجح إلا إذا تخلص أصحابها من الأنانية وضيق الرؤية، فنحن في ساحة واحدة لمحاربة بؤس الواقع ومصادرة الرأي، وترى الجابري أن اشتراك المرأة والرجل في أي عمل معاً يدل على رقينا وسمو هدفنا، ربما تصور البعض أن التكوين النسوي داعماً للمرأة.. أنا أجده شكليا فقط
.

تجارب مشتركة
ومن تجربة الشاعرة جنان المظفر مع منتدى أديبات البصرة، فحسب رأيها هو المنفذ الذي تطل منه المرأة البصرية على المجتمع وهي تحمل داخلها ذلك الأمل المبهج لمشاركة أخيها الرجل إبداعه وتألقه.. موضحةً أن مفهوم الأدب النسوي والمنتدى بالذات لا يعني انفصالها عن الرجل، بل هو مصطلح يفيد معنى الاهتمام وإعادة إنتاج المرأة البصرية الأدبي والثقافي وليس من مفهوم ثنائي ذكوري وأنثوي… فالمراة ليست بمعزل عن الرجل، بل هو نوع من الاعتبار والاحترام لأعمالها، وهذا التصنيف لم يكن جديداً، بل له جذور تاريخية، مثل صالون مي زيادة الأدبي ومجالسها الأدبية في القاهرة الذي كان من أشهر روادها الأديب طه حسين وخليل مطران وإسماعيل صبري وغيرهم.. وتصر المظفر على أن المسيرة الأدبية مشتركة بين المرأة والرجل، وهي مسيرة إنسانية اجتماعية تهدف لنشر الثقافة في المجتمع.

سلطات مختلفة
الكاتبة أطياف رشيد تعتقد أن تشكُّل المنتديات النسوية المستقلة، أو التي كانت ضمن اتحاد الأدباء، لا يتعلق بكون هذه الاتحادات تفرض هيمنة وسلطه ذكورية، أو أن هناك رغبة في الانعزال لدى الأديبات عن عالم الأدب والثقافة، «أرى الأمر بصورة مختلفة تماماً، فهو دعم مضاف للمرأة الكاتبة ومساحة وفضاء للتعبير والكشف عن إمكانياتها ومنجزها مع ما يقــــدمه الاتحاد العام». مبينةً أن الأمر منوط بالأديبة نفسها وبمنجزها الإبداعي وإمكانيتها في فرض حضورها الأدبي، سواء أكانت ضمن الاتحاد العام أو ضمن المنتديات النسوية. وقد تجد بعض تلك المنتديات النسوية أن من مسؤوليتها التقديم والتعريف بالأديبات بسبب التراجع في مكانة المرأة اجتماعياً، فضلاً عن وجود بعض الضغوطات التي تتعرض لها الأديبات ضمن الاتحاد، لكنها تصدر من فئات معينة وسلوك فردي لا تمثل الاتحاد كمؤسسة، بدليل تميز كثير من الأديبات ونشاطاتهن المتواصلة.. السلطة الذكورية؛ بحسب رشيد، أنواع ودرجات، وأخطرها على المرأة المثقفة والمبدعة تلك التي تتعرض لها في المجتمع
.


عن الكاتب

.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بلقيس خالد

google-site-verification: googlee09bc7865ace1b6b.html