بلقيس خالد

الموقع الرسمي للشاعرة والروائية بلقيس خالد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

من كتاب سماوات السيسم.. ابتسامة جدتي ..بلقيس خالد

              ابتسامة جدتي
               بلقيس خالد

                       


الذاكرة...            
هل ثمة قياس لسعة حجمها ؟
هاهي تتراجع، برهفها كله ،
لتلقط من الأعماق اللامرئية
ذكرى جهل ضروري،يحصن يقينا باطنيا في طية من طيات
ذلك الماء المقدس،
ماء يرتق طفولة الأنا بطراوة العقل
ويهبنا ما انتزعته التقاويم،
وهل يكون سوى:دفء الوضوح..
هل الذاكرة زير..؟
تتكدس فيه الصوّر
وتختمر..
لذلك ننتشي كلما مرت بنا صورة من الذاكرة؟.
الآن.. وهي..تكتب أو تنكتب نصوصا من خلالها ..أنتشي
هل النشوة مركبة عبرها أستعيد ضحكات طفولتي؟
فتهبني الطفولة
خيطا
لا مرئيا
دليلي إلى هناك...
حيث تنساب الصوّر مثل تعرق التعب،
هل هي لحظة ولادة قصيدة..؟
ها هي..  تقف على عتبة الطفولة التي كنتها
تحاول الآن وبعد مضي كل هذه التقاويم المخصّبة بعيني عسل وعلقم..
استعادة رائحة الوجود الأول
الرائحة العذراء،
ثم تصير الرائحة...  ممحاة غبش
عن مرآة تلك ... المغروسة غراس الورد في  ذاكرة حديقة
العائلة...
ها هو يقترب منها ذلك البيت الكبير بحجراته الكثيرة العالية
السقوف،
هاهي نوافذ الغرف تستضاء بمقدمها
في هذا المكان الذي حولته المدينة.. سوبر ماركت
وعلبة كبريت صالحة للسكن،
ذاكرة العين لاترى كل هذا التمدن العازل،
ذاكرة العين تبث عطرا،
يصوّر الحاضر
ماضيا
فأرى بيت جدي، يبتسم الباب..  من ابتسامته ادلف..
(هاهي..
  هاهي جدتي)
وغصونها النسوية يجلسن على جانبيّ الباب الموارب لغرفة
الضيوف الفارهة (ديوان جدي) لا يتبادلن الحديث، يوحدهن
إنصات مهذب لكلام عذب بأصوات أبناء عشيرتي: جدي /
أعمامي / أخوالي/ ومشتقاتهم،
يجذبني إنصاتهن،
هل خطواتي تنساب؟
أم هناك من يقودني برهفٍ صوب وجه..جدتي
أقف أمام وجهها الندي
وقوفي أمام مرآة
وبحنو تجلسني في حضنها،............
...........................................
ينصتن ليلا وفي النهار تعرض كل امرأة رأيها
في هذه القصيدة
أو تلك.
يناقشن قصائد الليل،وهن
يطبخن الغداء ويغسلن الملابس.،
فتتضوع القصائد بنكهات
الأطعمة وتبتل برغوات مساحيق الغسيل
وهكذا
في مطبخ العائلة بتفرعاتها تختلط نكهة إعجابهن بالقصائد مع
مقادير وجبات الغداء.
يسهبن في الحديث،
إلا.. جدتي
مفردة
واحدة
أو أنة ممتزجة بهمهمة
تضيق بها سعة الأبجدية..(أهممممممم)،
تفي بالغرض
و( يا..بعد امي) إذن هذا الشاعر نال كل إعجابها،
أما همهمتها فتعني ان هذا البيت من القصيدة هو الأجمل.
هل تقدر ذاتي الراشدة ان تحصل على شريط كامل من خلال 
أصابع الطفلة التي كانتني؟
كيف ..؟
 الآن.. محمّلة بمسالك الحياة: أناي
أما الطفلة ..
فهي غراس الأنفعالات الأولى  دون لجام من...
المدرسة، والألم.. والكتب؟
مَن لي باستعادة واعية للحظات  تذوقتها..
ولذاكرتي من الماء طراوته الباذخة...
لحظات عشتها بعيني وأحاسيس طفلة منجذبة..
هل تتخلى الطفلة،عن عنادها
 وتسلمني ذاك الشريط كاملا؟
هل يترك الزمن الشريط دون تأشيراته المشوهة؟
الآن..وجه جدي،
وذاكرة غرفة الاستقبال المتناغمة،
أوجه النسوة..
فناء بيتنا الكبير المطرز بالعصافير،
كلهم يهبطون من هناك،
ويضيئون..
..............
ويضيئون ثالثة
ما أن تنقر ذاكرتي عصافير القصيدة،
 يترهفون بها،
ويتحولون شجرة وارفة..،
لتهبط القصيدة بسلام ...
لحظتئذ، بلا وعي مني، أبحث عن....
عن ابتسامة الرضا في وجهها،
...................
..........................
وها أنا
أكتب
أكتب
وأكتب ...لعلها تبتسم تلك الأبتسامة التي تشبهها.. سماء صافية،
لعلها تهمهم ..همهمة ... 
هي
أعلى
مراتب التكريم....
:في عيني..

عن الكاتب

.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بلقيس خالد

google-site-verification: googlee09bc7865ace1b6b.html