بلقيس خالد

الموقع الرسمي للشاعرة والروائية بلقيس خالد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المرأة ... القارورة / حميد حسن جعفر



 (1)
حميد حسن جعفر

المهتمون/المتخصصون بطوبغرافية الأرض/الجيولوجيون يؤكدون أن الصحارى بمختلف تكويناتها تشكل مساحات واسعة من اليابسة. فإضافة إلى صحارى الرمل هناك الصحارى الرطبة/المياه وصحارى الثلوج. وضمن تقسيمات كهذه تشكل الصحارى الرملية مساحات واسعة من قارتي آسيا وافريقيا خاصة وبقية اليابسة عامة.
هذه الصحارى بالأساس تتشكل من مادة الرمل حصراً والتي لم تستطع الظروف المناخية والتقلبات الجيولوجية وعوامل التعرية لم تستطع أن تسلبها خصائصها وأهم هذه الخصائص هي أن الرمال هذه غير خاضعة لسوى سلطة تكويناتها عندما تكونت منفردةً.
وإذا ما كان الماء المادة الوحيدة القادرة على خلق المتغيرات في دواخل جميع الأجسام الحية، والمواد الصامتة (يكتَّل. ويفكَّك) فإن مادة الرمل ظلت بعيدة عن هكذا سلطة.
عبر هكذا تشكيلات تعمل الشاعرة – بلقيس خالد – في ديوانها الشعري (امرأة من رمل، والصادر عن دار الينابيع) عام 2009.
إذ تعمل على تحويل الرمل (ككائن شديد التمسك بخصوصياته) إلى امرأة أو تعمل على صناعة امرأة من رمل، عبر معادلة تبادل الأدوار في تكوين الكائن البشري وفي دوزنة العالم – الحياة البشرية
واذا ما عرف القارئ ان الرمل هو المادة الأساسية في صناعة القارورة/عند هذه النقطة يتحول العنوان من (امرأة من رمل) إلى (المرأة/ القارورة) إذ أن التشكيل الأساس يبدأ من خلال التعامل مع الآخر/ الرجل وذلك عندما تبدأ حبة الرمل بالاتحاد – لا مع سواها من حبات الرمل/الشبيهة بل من خلال البحث عن المختلف، حتى وإن كان نقيضاً
هذا المختلف المستعد لخلق عملية مواءمة روحية ووظائفية لتشكل من بعد ذلك تكوينات قادرة على صناعة الحياة/صناعة الديمومة/البقاء من أجل صناعة الاختلاف من أجل إنشاء كائن جديد لا يعتمد على (الأنا) بقدر اعتماده على الآخر.
حبة رمل +....... = كائن آخر، كائن هلامي/ أميبي لا ينتمي لأي منهما منفرداً
امرأة + رجل = توافق
أنوثة + ذكورة = اختلاف
إلاّ أن تلف/خراب هكذا معادلة دفع بالمرأة/الشاعرة إلى العودة إلى بداية المادة، إلى وحدة تكوين المرأة والرجل ككائن واحد، كل منهما يشكل وجهاً مختلفاً عن الآخر.
هكذا تقول الحكاية.
ومن أجل أن يرى كل منهما الآخر، أعلنا الانفصال المادي. وليعيدا تشكيل مكوناتهما كرد فعل – روحي، جسدي – للانفصال.
***
هل المرأة من لحم ودم وعظام وشحوم وأجهزة ميكانيكية. أم كما هو متعارف عليه وفق الحس الجمعي أي أنها مادة خالصة، معمل لصناعة اللذة والنسل ؟ أم أن هناك مفاصل أخرى (قد تكون الحالات الروحية جزءاً منها) قد لا تقترب من هكذا ملمح فالبعض يقول أنها دائرة معارف/انسكلوبيدية. أو أنها مجموعة (أيونات) سالبة وموجبة، تقف خارج التعاريف والشروح.
قد تكون – بلقيس خالد – ضمن المعترضين على توصيفات الحس الجمعي عندما أعلنت، وضمن معرفة لابد منها من أن تكون حالة شخصية/فردية وفي الوقت نفسه قد تكون حالة جمعية/كلية – لدى النسوة خاصة، عندما أعلنت وبهدوء يقترب من الصمت أن المرأة/الإنسان والمرأة/الأنثى من الممكن أن تشكل حالة استثنائية فبقدر ما هي قارورة قابلة للكسر فهي سبيكة من الممكن أن تستخلص، جامعة صلابة المواد المكونة للحياة.
إن شفافية المادة الزجاجية قد تشكل حالة دفاعية حالة من الممكن أن تمتلك القدرة على التماهي وتحويل انتباه الآخر/ الخصم.
وقد يكون هذا الخصم هو الرجل في ظل مجتمع ذكوري قامع. ومن ثم دفع هذا الآخر نحو خصومة قد لا تكون هي – المرأة – طرفاً فيها.
إن ذكورة السلطة عندما لا تجد أمامها امرأة/ أنثى تحول انتباهها/سلطتها إلى الذكر الآخر/ المنافس.
عند هذه النقطة يجد القارئ أن تماهي الرجل – المرأة حول سواهما من الأشياء. يشكل مصدر قوة للأنثى ومصدر ضعف للرجل.
2
عبر سبع محطات/منافذ، تعمل – بلقيس خالد – على محاولة استدراج القارئ إلى حيث تقف وحيدةً مادياً.
أولها : حزمة ضوء ص11/ص25
ثانيها : أهداف ناعمة ص26/ص30
ثالثها : حضور الغائب ص31/ص48
رابعها : تقاسيم الليل والنهار ص49/ص62
خامسها : اراجيح ص67/ص84
سادسها : مروج ملونة ص85/ص97
سابعها : تهويمات الرمل ص101/ ص115
هل لهذه السباعية علاقة بسباعيات الأنثربولوجيا والحسّ الجمعي؟
هل من تأثير غير واع لما يدور حول الكائن البشري، ليتحول إلى كائن تابع للحشد؟ أم أن الفعل الكتابي هكذا ضمن عملية المصادفة ! بعيداً عن التخطيط والبرمجة للكتابة والقصدية !
هل من الممكن أن تكون توجهات القارئ ضمن مسارات الشاعرة ؟
قد يكون هذا طموح صاحبة النصوص غير أن الحقيقة المفترضة تقول غير هذا وغير ذلك بسبب تدخل ثقافي خارجي استطاع أن يرمي بثقله إلى ساحة القراءة أملاً بقيادة ثقافية تقود القارئ إلى مناطق الرؤية.
هذا التدخل جاء من قبل الناقد والشاعر مقداد مسعود عبر مقدمته للكتاب على الصفحات السابعة والثامنة والتاسعة هذا المدخل الذي يقف في الجانب الثقافي سبقته حالتا تداخل، الأول جاء على شكل حالة تقديم لـ – بلقيس خالد – للكائن الشعري الذي يحتويها عندما أطلقت قولها
(لأكون نديةً، أصنع الفجر) ص5
وليتبع هذا التدخل تدخل ثالث في الصفحة السادسة والذي جاء على شكل اهداء إلى (رحيم جمعة حيدر)
غير أن القارئ ما إن يدخل عبر هكذا منافذ إلى فضاء النصوص/التشكيلات السبعة حتى يجد في الصفحة (119) سيرة الشاعرة في سطور.
ومن ثم ليجد (الأميل) عنوان الانترنت للشاعرة إذاً التواصل عبر المدون الورقي قد يتبعه تواصل أكثر حداثة ما بين المتلقي/القارئ والباث/ الشاعرة
هل توقفت التدخلات ؟ لا أعتقد ذلك ! ؟
فآخر هذه التدخلات كان على شكل حالة تقريض/احتفاء بالشاعرة من قبل شخص قد لا يقف خارج العملية الشعرية هو (أثير رحيم) وليجد القارئ نفسه وسط مصيدة تشكل حالة ترابطية ما بين أصحاب التدخلات وليبدأ القارئ حالة تجميع – بل وعملية تفكيك – كذلك – والتي كثيراً ما يلجأ إليها القارئ/الناقد.
قد تشكل المقدمة أول هذه المنافذ/ المفاتيح
وثاني المفاتيح ستكون رؤية الشاعر/ الناقد مقداد مسعود
أما الاهداء فسيكون ثالث المفاتيح
المفتاح الرابع سيكون ما كتبه (أثير رحيم جمعة)
من الممكن أن تكون السيرة الذاتية خامس المفاتيح
وسيكون العنوان الالكتروني سادس المفاتيح
وتشكل صورة الغلاف، المرأة الساهمة/ العاشقة – سابع المفاتيح
ويبدو أن هناك جداراً لم يستطع أن يوقف اختراق ملامح المرأة لمجاراته هذا الجدار الذي يشكل خلفية الصورة.
من المؤكد أن يحتوي المفتاح الأخير على مجموعة اشارات أولها العنوان/الثريا ثريا الكتاب (امرأة من رمل) وإلى جانبه اسم المرجعية الابداعية (بلقيس خالد) كأمرأة أولاً، وكأنثى ثانياً..
هذه التشكيلة السباعية قد تنتج سلطة/قيادة من الممكن أن يستفيد منها القارئ، بعيداً عن الاحساس بحالة الاستلاب الثقافي أو الفكري بل قد تتحول هذه القيادة إلى حالة من الهداية/الانارة وذلك عبر حصول حالة التناسق/ التعشيق، ما بين ذخيرة القارئ ومفروزات النص.
3
القارئ لـ - امرأة من رمل – من الممكن أن يجد نفسه محاطاً بمجموعة بوابات/نوافد، مجموعة مفاتيح كل منها يدعي القدرة على القبض على يده/ على مسار القراءة لايصاله إلى كرسي الاعترافات الذي تقتعده الشاعرة، متخذة منه فرصتها في أن تقول/أن تكشف [ عن حالة عصيان، أو حالة غضب أو حالة ابتهاج ] بعض ما لديها فكثيراً ما تكون القصيدة غير قادرة على أن تقول ما تريد الشاعرة قوله.
مفاتيح القراءة لـ - امرأة من رمل، تتقاسمها الشاعرة مع ثلاثة رجال أولهم مقداد مسعود – الشاعر والناقد
وثانيهم – رحيم جمعة حيدر – المهدى إليه
وثالثهم أثير رحيم – في نصه.
كل من هذه المفاتيح تحاول أن تكون الأكثر أهمية في الفعل القراءاتي.
وليتصاعد سؤال من الممكن أن يكون وجيهاً يقول السؤال :
هل استطاعت هذه التداخلات أن تمنح النص قارئاً يقف بعيداً عن تأثير الآخر؟ هل كان المتلقي واقفاً في منطقة الحياد؟
أنا شخصياً لا اعتقد ذلك
ووفق هكذا رأي أو رؤية من الممكن أن نقول أن القارئ سوف يكون مزوداً بخرائط – قد تكون مضللةً أو– ببوصلة – قد تكون عاطلة. أو بكشاف ضوئي لا يوفر مشهداً مرئياً بوضوح.
قد يتمكن القارئ – أو قد لا يتمكن – فحالة الاحتمالات متوفرة – من تلمس طريقة املاً بالوصول إلى شيء – وإن كان يسيراً – مما يحاول أن يقول جميع من يقف خارج النص على الرغم من أن الشاعرة المرأة استطاعت أن تقول ما لم يستطع أن يقوله الرجال الثلاثة ضمن دورها كشاعرة وضمن دوره في العلاقة مع الآخر كامرأة.
***
في – حزمة ضوء – ص11 – حزمة قصائد، تعمل، أو تحاول – بلقيس خالد – أن تواجه القارئ بـ (ثمانية عشر نصاً) قد ينتمي بعضها إلى ما اتفق على تسمية بـ (الومضة) أو هكذا يوحى للقارئ
غير أن ومضات كهذه لم تكن معتمدة على عنصر المفارقة، أو الصدمة التي تشكل معظم وأهم مفاصل هكذا شكل شعري حيث تتحول النهايات – نهايات النصوص – إلى نوع من الخروقات. والتي تسحب القارئ من فضاء الواقع [ الذي كثيراً ما يكون ضمن حالة من المواءمة أو التوافق أو المصالحة ] وإطلاقه في فضاء اللاواقع.
بل أن هدوء النص – وتحويل الكلام إلى ما يشبه الهمس وانتمائه إلى حالة من الذاتية – ذاتية الشاعر. وابتعاده عن خدش المتوقع هذه المفاصل دفعت بالدواخل – دواخل الشاعرة – إلى أن تطلق أنفاسها ليتحول الخارج إلى مادة غير معني بها وبالتالي تتحول الهموم الفردية – رغم أهميتها – وبسلطة الشاعرة إلى هموم جماعية.
غير أن العديد من هذه النصوص قد تعلن عصيانها على أحكام القارئ أو المتابع لتنحاز إلى صناعة المفارقة سواء على الفعل الشعري أم على مستوى الصورة
إن نصوصاً مثل : 1 انتظار ص17
2 – رسالة ص16
3 – وحشة ص13
4 – أهداف ناعمة ص26
5 – تعبئة ص28
لا بد لها من أن تستوقف القارئ الباحث عن المختلف إذ لا يمكنه تجاوز نصوص كالتي سبق بل إن صناعة المراجعة، قد تشكل منتجاً قرائياً لسواها في محاولة منه للبحث عما يوجد خلف الأجمة أو ما يقف في أقصى الصورة إذ أن تلمس ما يوجد خلف القناع يشكل واحدة من مهمات المتلقي.
***
في – حزمة ضوء – تستثمر الشاعرة، مفصل الفراغات (التنقيط) محاولة الاستفادة من قدرة هكذا مفصل ينتمي إلى تقنية كتابة القصيدة من اجل حث القارئ واطلاق خبرته في ملء الفراغات بما تنتج القراءة من قدرات على صناعة نص مضاف/نص آخر ينتمي إلى الإضافة مع محاولة دفع حالة من التأني والتأمل في استقبال القراءة.
فالمدونات تلك تحاذي حالة مناجاة النفس عندما تجد الشاعرة نفسها وحيدة وتحت سلطة التأمل والاسترجاع عبر الذاكرة.
إن المفصل الشكلي للتنقيط يكاد يحتل مساحة واسعة قد توازي المساحة التي تشغلها عملية الكتابة ذاتها
4
في (حضور الغائب) ص31
هذا الغائب الدائم الحضور والذي لم يغب عن الصورة وعن الذاكرة هذا الكائن افردت له الشاعرة ولحضوره المبين/الواضح – مجموعة من النصوص التي لا تنتمي إلى ما سبق
وإذا ما كانت في (حزمة الضوء) واقفة تحت سلطة (النفثات) – قصار النصوص – وعملية إطلاق الزفير المتقطع ضمن حالة من الأسى والأسف أو اللوعة. ففي – حضور الغائب – الذي وفرت له الشاعرة ست قصائد يجدها القارئ وقد تحررت من حالة قد تنتمي إلى الإحساس بالاختناق في – حضور الغائب – تتنفس – بلقيس خالد ضمن نوع من الحرية.
ففي حضرة الغائب/ الحبيب تتخلص النفس البشرية من سلطات الإلغاء والشطب لتجد مفاصلها تسبح في فضاء من الانشاء
في – حضور الغائب – لم تكن الشاعرة وحيدةً كما في (حزمة الضوء) فعلى الرغم من أنها تمسك بحزمة الضوء هذه، إلا أنها لا تتحرك إلا وسط العتمة وسط ليل حندس.
وإذا ما كانت الوحدة/ العزلة الجسدية لا الروحية هي المسيطرة على (حزمة ضوء) فإن حضور الغائب كان يشكل الفضاء الذي تتحرك وسطه القصائد الست حيث الشعور بالانتماء إلى الآخر/الحبيب فالشريك الغائب هو وحده الذي استطاع أن يمسك بيد الشاعرة ليطلق عصافيرها في فضاء الروح بعيداً عن قفص الجسد.
(طيفك) اسكرني
غمرني بالدفء تسـ.......اقط المخمل
قطعة
قطعة) ص27 قصيدة (ذكراك دفء).
(عندما يهبط المساء
نلوذ تحت جناحه) ص38 قصيدة (اختلاجات)
(كنا قريبين جداً
رغم المسافات
اسمع أنفاسه يستنشق أنفاسي) ص41 قصيدة (الحلم)
“تمني حتى أراقصكِ
يا آنستي اللذيذة
شبك أنامله بأغصان كتفي
أزهرت ورداً
بثراء الربيع” ص43 قصيدة، غناء (على الورق)
(كل صباح
قبل أن تعج العصافير
في غفلة الشمس
ننهضُ مسرعينِ
خلسةً
نسرق الشذا من أفواه الورد
نشاكس الزهرات
نغسل بالندى ضحكاتنا) ص46 قصيدة (أنين الصدى)

عن الكاتب

.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بلقيس خالد

google-site-verification: googlee09bc7865ace1b6b.html