بلقيس خالد

الموقع الرسمي للشاعرة والروائية بلقيس خالد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

شبكة لإصطياد المطر ... مقداد مسعود



شبكة لإصطياد المطر ... مقداد مسعود

الوعي الشعري..برهافته..ومن خلال النظام المعرفي للشعرذلك النظام المفارق للأسس المعرفية والجمالية المنمطة ..يتصدى برأسمال نقيض هو الرأسمال الرمزي*..فيكون الجميل خير الزاد في رحلة التصدي وهذا الجميل هو من الجمال أجمله ..إذن هو الجمال كله..من هذه الجمالية الكلية . ..تنسج بلقيس خالد..شبكة شعرية تنسجها..بذوب شمعة !! كم تحتاج إستجابتنا من قوة دافعة لتشغيل المخيال في هذا الصدد..*؟! .حين نعي أن المخيلة ليست بالضرورة ملكة خلق صور..بل لها قدرة على إدراك علاقات ..من خلال هذا الوعي: تتحرر المخيلة حتى من تسميتها وتصير(مجرى تفكير) حسب غاستون باشالار(1).وبتوقيت حساسية إمرأة عراقية..أيقظها الوعي ألأجتماعي ..وغذى لديها وعيا شعريا(آمن بخصوصية إلأختيار المعرفي والجمالي وبقدرة هذا الوعي بتبني مقولة تغيير الواقع وتطويره أو على ألأقل،خرقه وتجاوزه الى حيث إنشاء فعل إبداعي على غير مثال سابق/154)(2).

عبر المران والخبرة والوعي إلأجتما-ثقافي ..يتحول الرهف الشعرى ،لدى بلقيس خالد

إلى مغناطيسية شعرية،لها فاعلية عالية بأستقطاب(برادة التفاصيل وذرات الدلالات )..

وعبر الخرق والتجاوزلنموذج فني بمواصفات فنية ذكورية في ألأساس..من هنا يكون جدل القصيدة لديها مزدوج القيمة:جدل الخلق وجدل العنونة ألإجناسية ،من الجدلين :يتأثل جدل الكينونة ،بتميزها الشعري وتفردها عبر المختلف.فالقصيدة لدى بلقيس عبر حمولاتها الدلالية وإلإنسانية..تطالب بالبديل المغيب..هنا تكون للقصيدة وظيفة تحقيق الذات وبث نجوما

خضر تخفف من كثافة ليل كثير يوسقنا منذ أمد لايستهان ..وفي نصوصها ..يفتح الوعي عينه

على التماهي والتوحد فالكتابة الشعرية عملية شخصنة ،تصطاد الشاعرة من خلالها ذاتها..وعلى مرآة القصيدة: تعرضها...

(رميت هذا الشيء الصغير جدا

الذي يسمونه (أنا)

وأصبحت العالم الفسيح )ص24/أجمل حكايات الزن ..يتبعها فن الهايكو/ هنري برونل

.فألأنا ليست حاضرة لنفسها،قبل وجود ما يستخدمها ..إنها موجودة بالكتابة..وبآلاخر المعطى

:مرحلة مرآوية،فيها تعي الشاعرة ذاتها كموضوع وتعي ذاتها كذات مبدعة..ومن ماء النصوص

تصنع الشاعرة بلقيس خالد، مرايا تتجاوز وظيفتها النرجسية..لتقرأ في المرايا واقعا

مع آلآخر/ العالم..هل يروي النص /المرآوي وجيز بنفسجات المرأة؟ نوافذها؟ سلالمها؟

عبر الهايكو الذي يمنحها(وقفة على مسافة من الذات،وتجردا،وشعورا بالحرية والسلام/

ص84/ أجمل حكايات الزن يتبعها فن الهايكو)

هل أحيل القارئة والقارئ على سبيل المثال لا الحصر..الى مفصل(مرايا)..؟

بلقيس تنسج ..ثم ترمي شبكتها وشمسنا العراقية في يوم غائم...وتكرر محاولاتها بإصرار عراقي... ومن خلال شبكة نصوصها المنسوجة من هذه اللحظة وكيفية توظيف العناصر البنائية الخاص بنصوصها ..تصطاد لنا ثراء كالمطر وقمرا يعدنا بشروق شمس عراقية حانية

ويكون ذلك حين نقرأ مفردة(بقية) ونكشطها..عبر قراءة متأنية..وهنا تستوقفني كقارىء الترابطات التالية:إذا كانت رؤية الشاعرة للعالم تترابط إتصاليا مع رؤيتها الفنية ،فأن معنى

النص مزدوج التحديد،فهو محدد من طرف الرؤية وكذلك هو محدد بالسياق التركيبي الدلالي

للنص..علما بأن السياق ذاته محدد بدوره من قبل الرؤية الفنية ومن خلال اللغة وعناصر بنائية

أخرى مفضية الى إبراز حساسية شعرية أنثوية نلمسها من خلال وعي الشاعرة وطريقة تأملها

ألإنساني ألأنثوي المرتبط بالخصوصية الوجودية للذات ألأنثوية المرتبطة بسياقها التاريخي إلأجتماعي..وإذا كان لكل بنية من بنى النص الشعري نسقها الذي تنتضد فيه عناصر النص

فأن الدلالة لاتنهض .. إلأ..من شبكة العلاقات الرابطة بين هذه العناصر وغلبة عنصر أوأكثر

على عناصر أخر ضمن النسق الشعري وما يحكم العلاقات فيما بينها..وسوف تحيلنا الدلالات

على رؤية النص الشعري المتصلة بذاتية الشاعرة ..المؤثلة من خلال رؤيتها عناصر البنية.

لكن الطرف الذاتي ليس طرفا في ذاته ،فالذات محكومة بشرطها

إلأجتماعي بنسقه البنيوي الثلاثي: إلأقتصادي/ السياسي/الثقافي...وفي رؤية منتجة نصا .

بصفتي كقارىء منتج أبحث عن نسبة إختراق النص للنمط المألوف بحثا عن الضرورة الثورية

في إلأبداع ..والضرورة هنا( إيجاد اشكال شعرية جديدة هي نتيجة من نتائج ثورة المضمون / ص212/ فاضل جهاد )(3)لاأبحث عن إلأنسان بصفته كائن محدد بجنسه بل عن إلأنسان كقضية..

الشاعرة ..تلتقط كلمة ،ثم تشعرنها بشحنات دلالية وتضخ فيها نسيجا من المحمول : الفكري/ الثقافي / الفني..عبر تركيبة هذا النسيج،تنتقل المفردة من مستوى التوصيل الى مرتفع الشعر

حيث تكون للجملة الشعرية،أجنحة مشفرة شفيفة،وبالطريقة هذه تنفض عن الكلمة اليومية،

عاديتهاألأخبارية ،وتزيدها إشراقا وتوترا،شعريا،وتراكم المعنى فيها.وبفاعليتها ألأبداعية تكون في حضرة الهايكو حيث(ترقب اللحظة المميزة وألا ينتظر أي شيء أن يكون متيقظا،يعمد أحيانا ،الى الضحك،والمفاجأة،وكل الوسائل الحاذقة..كي يرد ألى اللحظة الهاربة.، ألأنتباه المجرد، ذهننا الشارد كل من يقرأه يجد طريقه ،لحظة تيقظه / ص87/ هنري برونل/ أجمل حكايات الزن يتبعها فن الهايكو ) ...فمفردات مثل) حقيبة/مرايا /زقزقة /اشجار /عصا /قميص / وسادة /قلق/منديل /رياح/ نافذة / لقاء/ رذاذ/ أحلام /أوتار مظلات /قصيدة/كوميديا/ جسر فارونيش..)

لاتستقر ثابتة في تموضعها المعجمي..بل تتحرك ضمن فضاء من ألأنزياحات..

الشعرية الثرة، أرى في كل مفردة : موجة وكل موجة تضفر شعر أختها (3)وبالطريقة هذه يتم صوغ أيدلوجية التشكيل الشعري،بموجاتها القيمية،والمشاركة بمأسسة شعرية للمفردات التي طوقناها بقوسين هذه المفردات التي تشكل عنوانات فرعية لفصول القرطين الألماسيين ..عبر المأسسة الشعرية ،ستسمو المفردات في عمق خضل لاينفذ..

على الحافة الثانية ان النص ألأبداعي مأسسته تقوم :على نظام تتوازن فيه عناصر مكونة للبنية

بسيرورتها وإتصالياتها وهذه البنية لاتمتلك هوية جنسية لها لأن عناصر النص تنماز بالحياد

وأهمها : اللغة ..وعلى ذمة العالم السويسري دو سوسير هي نظام واحد من العلامات..

والعنف اللغوي الذكوري هو الذي صنع عنف البلاغة وبلاغة العنف وإذا كان النص ألأدبي

(تمثال لغويا في جوهره) حسب جان بولهان..فهل نحن من خلال هذا التمثال اللغوي،نتكلم لغتنا

أم ندع اللغة تتكلمنا؟ وإذا أمتشقنا سؤال نيتشة (من المتكلم ؟) كبوصلة لإكتشاف المعنى سيجيبنا مالارمية : (المتكلم هي الكلمة.).في وحدتها ،في تذبذبها الهش وحتى في عدمها ذاته لامعنى الكلمة بل كيانها اللغزي العابر- حسب ميشال فوكو في (الكلمات وألأشياء) وعلى مستوى آخر نؤكد ان الفارق بين كتابة شعرية وأخرى هي في كيفية:

تشغيل الشروط الفنية المولدة لرؤية معينة وهذه يعيدنا الى لاهوية جنسية للبنية *..إذن لاوجود لبنية نسوية محض متشققة من فطرة تخرج هذه البنية من ديالكتيك التأريخ وتعلقها في معراج الروح..وكلامنا هذا لايمحق عذوبة خصوصية المرأة المبدعة وهي تكتب عن حساسية مفارقة

للحساسية الرجل من جراء نسبة القهر إلأجتماعي المركب التي تكابده المرأة وماتزال...

لذا تسعى المرأة لأختراق (الحريم اللغوي)(4) وهي تصرخ متسائلة (هل العنف إفتخار ذكوري)*

من هذا المنطلق تسعى المرأة المبدعة(الى تغيير منظومة المفاهيم الثقافية وإجلاء مواطن إلأجحاف وجذور الظلم الواقعة على إلأنسان بعامة والمرأة بخاصة)(5)

مشيدات النص

-3-

تحاول قرائتنا ثبيت مفردات مشيدتها..ثم إلأشتغال عليها:

*العنونة بشقيها الجمالي/ التفسيري

*الإهداء

*المقدمة

*عنونة المفصلان

*مقتبسان /مفصلان

*عنونة الفصول

*ثنائيات السيرورة

*تعريق الهايكو

-4-

ثنائيات ألإشتغال:

*ثنائية العنوان ..

ألأفق الذي تفتحه العنونة..يخلق جهازا له قدرات على كشف طاقة النص الكامنة

فالعنوان الرئيسي حسب جيرار جينيت هو نصر ضروري للوجود المادي للنص أو الوجود

ألأجتماعي للكتاب./ص270- آمنة بلعلي.وإذا كان أختيار العنوان من قبل الشاعرة (نوعا من تركيب الشفرة،فأن قراءة المتلقي له تعني فك الشفرة ،بأعادة العنوان الى إطاره المرجعي

والشروع بإنتاج دلالته/ص 31/ محمودعبد الوهاب/ ثريا النص)

ثنائية العنونة

..العنوان ألأول ، يتكون من جملة أسمية) بقية شمعة ..قمري )وهو عنوان تأويلي ، وحين نقرأ المجموعة سنعرفه نوعيا فهو من العناوين إلأشتقاقية..هكذا تعلمنا (ثريا النص) لأستاذنا محمود عبد الوهاب

يبث العنوان ألأول أكثر من تأويل: كقارىء اراني أمام ضوئين..مختلفين في النوع :

*ضوء مصنع من لدن ألأنسان: شمعة

*ضوء هو آية الليل: القمر

بلاغة العنونة(بقية..شمعة قمري)..هي في( إيصال المعنى الى القلب

في أحسن صورة من اللفظ /ص35- أبو الحسن الرماني/النكت في إعجاز القرآن

ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن/ تحقيق محمد زغلول سلام و محمد خلف الله)(6)

.. الوعي الشعري..يقوم بتطبيع الصناعي..(بقية شمعة ..قمري)..

والبقية هنا توحي أن مالدى الشاعرة هو المحاق : ذلك القمر الوليد النحيل

وإذا كان ألأمر كذلك فأن الذات الشاعرة (تدخل دورتها إستعدادا للبزوغ

بعد أن تتلقى في نوع من إلأستسرار الذاتي أسرار وجودها وحكمة تجربتها ليسهل عبورها

في هذا العالم)(7)..ومن خلال العنوانات الفرعية في القرطين الشعريين: سنرى الجلي والمتواري

في تمثيلات الذات والمرآة والجسد والنص والقمر بوصفها رمزيات شعرية تعاملت مع الذات

والجسد والنص لتمثل تجربة العبور في جسد الكون خاصة إذا ما نظرنا الى القمر بوصفه رمزا

للأنبعاث المستمر وهو رمز أنثوي بأمتياز حسب فراس السواح كما أنه رمز لكثير من طرائق

تكرار خلق العالم طقسيا ،حسب مرسيا إلياد(8)..

*العنوان الثاني/ عنوان تفسيري..تراتبيا يكون العنوان التالي..وظيفته توضيح أجناسية النص

الشعري..والعنوان الثاني:هايكو عراقي وإذا كان العنوان يفتح افق إلأنتظار حسب جمالية التلقي فهو هنا يهيئني كقارىء الى فاعلية قراءة محددة..قراءة محكومة بأجناسية شعرية مغايرة / متمردة/ مخالفة للنمط السائد..العنوان الفرعي / التفسيري يجعل(القارىء يتنبأ ولو بالجو العام الذي يكون عليه المضمون الذي يستجيب لما تفتحه هذه ألألفاظ من آفاق إنتظارات تدفعه الى التأويل، لأنها ألفاظ خطابية تحيل على موضوع النص/ ص267/آمنة بلعلي)/(9)

لاتخلو المفردات من تضاد: هايكو /عراقي..

فكيف يكون: هايكو/ عراقي؟! سنحصل على ما يعالج إستغرابنا حين نقرأ المقدمة المعنونة

(قنديل ملون)...

أبادر كقارىء بفعل إستباقي موضحا ..(الهايكوhaiku) قصيدة،وقع من فن اللغة

ترمي لأن توحي بالمعنى والصورة وألإيقاع ،الى عاطفة،حالة نفسية.والهايكو قصيدة تتألف من ثلاثة أبيات :خمسة،سبعة وخمسة مقاطع او وحدات صوتية أساسية/ص76/أجمل حكايات الزن يتبعها فن الهايكو/هنري برنويل)

*ثنائية إلأهداء...

يتكررألإهداء ذاته المثبت في كتاب الشاعرة ألأول، مع زيادة (أيضا) (أيضا الى رحيم جمعة حيدر )وللإهداء فاعلية التواصل مع الغائب ذاته وإذا كان المهدى إليه ..هو المخاطب في بعض نصوص (إمرأة من رمل) ..

فهل يقتصر،حضوره هنا في إطار تكرار إلأهداء..أم من خلال نصوص تفعل التواصل الشعري مع الغائب المستحضر شعريا...؟ أليس (إلأهداءرسالة برقية في عتبة الديوان ،تقتضي

منا إلأنتباه إليها وإلى تسريباتها في تضاعيفه )(10)

وألإهداء هنا إستعادة الغائب إسميا من خلال تثبيت إسمه الثلاثي ويسمح لنا التثبيت التسموي

الثلاثي..من تأويل ذلك لعدة مسببات ذات مؤثرات موجبة..إن التسمية مناداة والمناداة إستدعاء

وحين نلفظ إسما نراه ماثلا امامنا فالتسمية حضور فكيف إذا ميزناه ثلاثيا.؟! المهدى أليه :الزوج قسيمها في المودة والرحمة ومنهما أنبثقت غصون ثلاثة وإستحالت الغصون أشجارا باسقات مثمرات ..وقسيمها في الكتاب ومربي ألأمل في كتاباتها...

الزوج /ألأب ..الذي تشظت فيه الحرب ..هذا الغائب/المستحضرشعريا(ترك أسمه على كل

ألأشياء التي مسها خلال مسيرته الصعبة..وقد أمتلك ألأشياء لمجرد أنه مسها (11)

والشاعرة /الزوجة/ ألأم /ألأرملة.. (يسعدنا أن تتغلب أرملة بفعل شجاعتها فوق ألإنسانية على ألإجحاف الطبيعي /ص51/ مي غصوب /ماهو بشع في التسعينات ) (12)من خلال تثبيت ألأسم الثلاثي للزوج الذي غيبته الحرب...

وعبر الفعل الشعري تسعى لأعادة إتصال بتلك الكينونة المغيبة وبالطريقة

هذه يستعيد المغيب /الزوج حضوره كقسيم مع الزوجة في كتابيها ألأول والثاني..

وأليست (التسمية رداء من نوع ما)..وحين تكون التسمية رداء ألأ يحيلنا ذلك

علاماتيا ضمن منظومة الموروث الشعبي الى الستر/التحصن/ الحماية ..؟!

-5-

إتصالية العنوان/ النص:

العنوان..نقطة إنطلاق كل تأويل للنص

محمد الماكري/ الشكل والخطاب- ص253

إذا كان (هايكو عراقي) يشغل وظيفة العنوان الثاني..فأن المسطور تحت عنوان(قنديل ملون)..يشكل نصا سرديا..وظيفته حصريا تبرير الثريا(هايكو عراقي)..

في المقدمة المعنونة(قنديل ملون)..نكتشف..في الوان قنديلها

أن الشاعرة بلقيس تؤمن بالتعايش السلمي بين ألأنواع الشعرية (محبتي للشعر لاضفاف لها ولاتعصب فيها لنوع معين من الشعر)..والتعامل غيرالمشروط أو المنحاز لسوى السمة الجمالية

أوصلها الى الهايكو الياباني المترجم للعربية...ثم أخذت تلاحق هذا النوع من الوجيز الشعري

وتتوقف عنده بذائقة متفردة فأكتشفت ثمة. مجاورة بين الهايكو الياباني والدرامي العراقي..وعبر

رهافة حساسيتها الشعرية رأت أن الفضاء المعرفي يتسع بالتجديد لا بألأستنساخ أو بمحاكاة المنجز الشعري(فقد أجترحت لنفسي طريقة لاأحاول ..تكرار كتابة الهايكو بالشروط اليابانية)

حسب قولها..والشاعرة تعي جيدا أن محاولتها هذه(مثل أي خطوة أولى لاتخلو من تعثر،لكنها

جادة في كدحها الشعري،لكتابة هايكو بنفس عراقي)..شخصيا ترى قراءتنا هنا تكمن اهمية

المحاولة..أعني ان أستفادتنا من منجز آلآخر..لاتشترط محاكاته ،الحافر على الحافر،بقدر

ما تحفزنا على التكيف إلأجرائي..الذي يمنحنا حق مأسسة أو المساهمة في مأسسة منحى

آخر ينبع من ألأصل ويغايره لأسباب مشروطة بشروط إلأبداع ..والتمرد على النمذجة

ويكشف تمردها عن وعي متأت من تجربة قراءات متنوعة وليس محض ردة فعل تقوم به

الشاعر تجاه محفزات ذاتية..ان التمرد هنا تلبية شعرية ضرورية متفاعلة مع محيطها،

الشاعرة هنا تقوم بصاهرة نوعين شعريين أستجابة لأشتراكهما في: الرقة/ إلأيجاز/ إلأيماءة/كثافة الصورة الشعرية..لذا(سعيت لتفعيل أستفادتي من المنجزين الشعريين: الهايكو

والدارمي،لكتابة هايكو عراقي،أعني(هايكومي): هايكو+ درامي..أترصد فيها لحظة شعري)

حسب قول الشاعرة التي تعي جيدا ثنائية محاولتها :

*إجتراح طريقة مغايرة للهايكو

*خطوة لاتخلو من تعثر لكنها جادة في كدحها

شخصيا ارى العاطل: وحده الذي لايخطىء .. فكيف اذا كان العمل هنا مغامرة ابداعية

وحراثة في أرض بكر؟! حقا أن التعارض ألأدبي ألأول يتشقق من الوعي الشعري ويشهد الحراك الشعري العراقي على ذلك كوعي مبادر ريادي ف(الوعي الشعري كان إنبثاقا من هذا التعارض الصراعي المتوتر وتفجيرا له أو الوصول بلحظة التعارض الى فعل إعتراض ومجابهة/154)..(13).

بهجة المغامرة الشعرية..لم تحدث لدى الشاعرة إضطرابا هرمونيا يدفعها الى إلزامنا بقراءة

مقررة علينا بأمر إداري من قبلها ..وظيفة القنديل الملون إضاءة طريق القراءة فقط..

(ومن يستفزه هذا القنديل،له حرية أختيار الباب الذي يدخل منه الى النصوص، حرية

تتسق مع ذائقته ولاتلزم غيره بتقليده ).*.مابين القوسين يطبق بندا من بنود أخلاقيات

القراءة ،وأرى أن حرية إلأختيار لاتخلو من كسر افق توقع المؤلفة..فهي أثلت كتابها

الشعري ..ك(هايكو عراقي) وتطمح ان تفعل القراءة .هذه العنونة/الشعرية

.لكن في حالة رفض إستجابة المتلقي لهذا التفعيل فهي لاتقسره عليها بل تترك له حرية

إختيار القراءة الموائمة له..؟! وحسب شعراء الهايكو، (القارىء هو خالق قصيدته ،يخترع غناءه الخاص /ص80/أجمل حكايات الزن ويتبعها فن الهايكو)هل في ذلك تنازل؟ ام هي عملية كسب قارئة أو قارىء ولوخارج السياق؟

هل اعني القارئة الباحثة في الكلمة عن لذة نغمية؟أم القارىء المريض بالغرض إلأجتماعي للقصيدة.؟في هذه الحالة سيكون (معنى الكتاب مرتبط بممارسات القراءة بشأنه )ربما سيعود القارىء ذاته الى المجموعة ذاتها..بعد حفزته القراءة ألأولى

الى قراءات في الهايكو الياباني/المترجم من قبل عدنان بغجاتي والروائي محمد ألأسعد والقاص

نجاح الجبيلي وهنري برنويل وغيرهم...أليس في بند أخلاقيات القراءة – تمت اليه إلأشارة قبل أسطر – ثمة إشارة حيية....

..إلى ضرورة تفعيل كشوفات قراءة منتجة؟! وهل يمكن ذلك دون الدخول الى النص..عبر التأني والتأمل والتساؤل.. ؟شخصيا ترى إستجابتي ان قصائد بلقيس خالد في

(بقية شمعة قمري): قصائد، لاتكتفي بالبصر بل تستدعي

البصيرة..حيث يتم تنشيط مدارات الخيال ..وإنزياحات الدلالة..

هل تثبت بلقيس خالد ذاتها من خلال إلغائها؟

هل تقرأ نصها بنفسها..؟متحولة من ذاتها الى موضوعها؟

إذا كان السؤال عريا؟فأن الستر الوحيد لأسئلتي هو تكرار إنتاجي لنصوصها من خلال

قراءة تحاول تصنيع كتابتها..*

-6-

*قنديل ملون أو المقدمة كوظيفة..

*ليس هناك من تواطئ بين مرسل ومتلق فالمرسلة الشاعرة لاتفرض آليات منجزها الشعري فرضا على المتلقي..بل تعتمد التفاعل الكامن داخل نصوصها ،بأعتبارها نصوص

مؤولة لواقع معين وليست ممثلة له..

*للمقدمة وظيفة تفسيرية للعنوان ألأجناسي(هايكو عراقي)،لذا تسعى الشاعرة بلقيس من خلال مسرودة قنديل ملون..توزيع ما لديها من عناصر مواجهة لتسخين التواصل مع أفق التلقي

وإنتقاء انواعا منوعة من القراء والقارئات ،عبر إستراتيجيات القراءة هذه يتسع أفق التلقي

بتنوعاته

*للمقدمة وظيفة إتصالية..إنها الخارج الذي من خلاله تومض شرارة التعايش مع الداخل/النصوص..وهي وحدها التي تمتهن إقامة ألإتصال حسب مالينوفسكي

وبالطريقة يسهم (قنديل ملون)..في البنية النصية والدلالية..

وحدها المقدمة بقنديلها الملون من تضع القارىء في(حالة من اللياقة الكاملة للتلقي/235/ شاكر النابلسي)(14)

-7-

مقتبسان /مفصلان:

ضمن أهداب النص ،يستقبلنا المقتبس ألأول ( ..ألأ من ... لشطح مياه الليل؟)

في الصفحة التالية لعنوان الكتاب

.(1)..كقارىء اصنفه مقتبسا ذاتيا ،فهو غير موقع بأسم كاتب معين أو كاتبة..

(2) صوغ المقتبس المنتهي بعلامة إستفهام ..يستفزنا لنتوقف عنده..

(3) التساؤل(ألأ من...لشطح مياه الليل؟)...يجعلني ابحث عن المحذوف من ناحية

المعنى.بين(ألأ من...) -------(لشطح مياه الليل)

*على المستوى المجاز عبر تحريك الساكن: مياه الليل

ويشتغل المجاز على الكتابة بممحاة البلاغة(ألا..من....) مابعد ذلك يومىء الى الممحو

والممحو،يحيلني كقارىء على تثبيته،تأسيسا على الإتصال/ المكاني بين المتلقي والنص

هنا تحضر العلامة اللغوية المستعملة في بيئة معينة عند افراد الجماعة اللغوية الواحدة

لتحيلني كمتلق على معرفة الممحو من خلال المثبت...

(لشطح مياه الليل) وهل يكون الشطح ..من دون حصاة نقذفها أفقيا فوق بشرة شط العرب

مثلا لتخدشها الحصاة من خلال دوائر ترسمها وهي تمرق..؟! ألأيمكن والمقتبس يستفز طفولتها

ألأيمكن آلآن ونحن نعدوا بأعمارنا أو هي تعدو ولافرق فالخسارة في كلا العدوتين : حصتنا وحصاننا الخاسروحصاتنا..ألأيمكن ان نرى في شطحات الحصاة على ماء الليل:أقمارا؟!..شخصيا تحيلني ألأقمار الى( كل شمرة حافر كمرية/ أشكثر أكمار اتموت أكبالك/مظفر النواب/قصيدة مامش مايل)

*

-8-

أهداب القرط ألأول ..

*قرط 1

*مقتبس

*عنوان مفصلي

*عنوانات فرعية

يتكون الكتاب الشعري من مفصلين..إتساقا مع المحمول الشعري،أختارت الشاعرة مفردة مغايرة للمفردة النمطية أعني الفصل ألأول فثبت مفردة تشير علاماتيا لبنات جنسها(قرط) ورقمتها ب -1- وفي المفصل الثاني ستثبت المفردة ذاتها مع -2-...

يلي المقتبس ألأول،عنوان المفصل ألأول ،أعني القرط ألأول..)غصون يبللها القمر)

وهي سبعة غصون خضلة مورقة بوجيز القول الشعري المشحونة بشعرية ألإيماءة

الوامضة وكل غصن يستضيىء بعنوانه:

غصون يبللها القمر

*أوتار بكماء

*لقاء

*رماد بارد: ليل

*جهاتي ألأربع

*أحلام

*رذاذ

*زقزقة.

*...القرط الثاني..

يتكون من:

*ثريا...

*مقتبس

*عناقيد..

الثريا: عناقيد مطر

المقتبس: ألمطر..يذكر القبور بالحياة

في هذا المقتبس كل عنفوان الحياة..هنا للحجر: ذاكرة وكأن الذاكرة المقوسة لهذا الحجر معلقة بين قوسين..ولها زمن نفسي ينهمر مع انهمار المطر..والمحذوف هنا ان القبور تتوقف عن التذكر بأنقطاع المطر..من الذي يتذكر؟القبر؟...؟ لاإجابة..كل إجابة تخدش كرستال المقتبس

العناقيد: تتدلى بعنوانتها التالية:

*حقائب

*مظلات

*العصا

*جدار

*نافذة

*رياح

*أشجار

*جسر فارونيش

*مرايا

*منديل

*قميص

*وسادة وشرشف

*قلق

*قصيدتي

*كوميديا صاخبة

-9-

إتصالية العنونة/ ..الأصل – الفروع

إذا كانت المقدمة ،قنديلا ملونا،فأن العنوانات الفرعية : مصابيح يدوية ،منبثقة ،من ضرورة

داخلية،تتدلى منها عناقيد الهايكو وكل عنقود معلم بتسمية مشتقة من حباتة الشعرية*

العلاقة بين العنوان ألأصل والعنوانات الفرعية ..هي إتصالية الجزئيات بالكلي،

..حين يتوقف القارىء بأمعان امام العنوانات الفرعية

سيتصل الى تعميق دلالة العنوان الرئيس(بقية شمعة..قمري) فهي تنشط أفق تلقيه وتخلق إتصالا

بين أفق التلقي وأفق النص وتعينه في خصوبة تأويل للعنوان الرئيس(بقية....) وبالطريقة هذه

تؤسس علاقة جديدة منبثة من أفق النص،لامن ذاكرة القارىء المعرفية..التي ربما حين تكتفي بالعنوان الرئيس (تبني تصورات تجعلها تؤدي وظائف قد تتجاوز النص)،في حالة إلأكتفاء بقراءة عنوان الكتاب فقط..رغم إن هذا إلأكتفاء عاطل عن إنتاج الوظيفة ألأساسية للعنوان

والمرتبطة بفضاء مضمون النص.

-10-

الرابط ألإتصالي بين القرطين

يتوزع المشترك ألإتصالي عبر المستويين التاليين

*العنونة

*المقتبس

عنوان القرط ألأول: (غصون يبللها القمر)..لو كانت الجملة: غصون يضيئها القمر..فهي جملة

ذات وظيفة توصيلية للمعنى المراد .أما حين تكون كما جاءت في العنونة فألأستعارة تحيل الضوء :ماء....من خلال البلل(يبللها) والفعل المضارع يؤكد ان الغصون ماتزال مبلولة..

والمقتبس مغمور ب(مياه الليل): ..ألأ من...لشطح مياه الليل؟

*عنوان القرط الثاني: (عناقيد مطر)..والفائض عن الكتابة هنا مفردة غصون .كيف تتماسك

حبات عنقود العنب من دون غصون فرعية ؟!.

*المقتبس : في المقتبس :المطر ذاكرة القبور ومن خلال هذه الذاكرة المائية تستعيد القبور حياة أفلت..عبر الزمن النفسي؟! كم تحتاج إستجابتي كقارىء الى تنشيط مخيلتي هنا..؟!

في القرطين ومن خلال حمولتهما الشعرية ،تنكشط القشرة /النمط عن ذات ألأنثى

ثم تقوم بتبخير هذا النمط من خلال النموذج البديل للأنثى المساهمة في الحراك

إلأجتماعي..من خلال إختيار المواجهة لا المواربة لذا لم تقوم بلقيس خالد بتسريب

ذاتها عبر أقنعة كثيفة من المجاز..وفي ذات الوقت لم ترسم ذاتها عبر لافتة سياسية.

وهي لم تسد أفق النص..بل ضفرت هدوئها جدلا شعريا

شفيفا تجادل ألأنا/آلآخر/الواقع/ الوقائع/ الحلم/ القصيدة....

ويمكن إعتبار هذا الجدل الشعري بمثابة إنخراط في الصيرورة وإلأنتقال من رهن

المألوف القار إلى ألأندماج في المتغير الشعري..من إلأحتمال والكمون الى إلأمكان

والتحقق....كقارىء أرى أن إغواء الدال،يحرك في إستجابتي فضول كشوفات

وبث أتصالية بين أفقي والمقروء..إغواء يحرك الكوامن الناقصة في إستجابتي

أبدأ بكشط النص ..ثم افعل حفريات ،لعلي ابلغ العثور على نفسي في عناصر المقروء

-11-

الليل ..تبئير فضاء النص..أو فهرسة الثريا

تنفتح قراءة العنوان على سلسلة من الدلالات بحكم

تعدد القراءات ونموها وتجددها

محمود عبدالوهاب /ثريا النص

(كان راهب زن يتهيأ للكلام في ساحة القرية،حرر خطابه بعناية،وتأهب لقراءته، حينما هب هواء فجأة وألقى ألأوراق على أغصان

شجرة ليمون،ربط جأشه وقال:هاكم يا أصدقائي بأختصار ماوددت عرضه عليكم: عندما اجوع آكل،وعندما أتعب :أنا.

صاح به أحدهم: كلنا مثلك !!

أجاب الراهب: لا !ليس بالطريقة ذاتها..عندما يأكل الناس: يفكرون في الكثير من ألأشياء،وعندما ينامون : يفكرون بمشكلاتهم،

لهذا لايفعلون مثلي..

سأله آخرون..فأجابهم الراهب إجابة واحدة : من يريد اجوبة، فسيجدها على أغصان شجرة الليمون..

ثم صاح الراهب بالجميع :عليه أن يجمع اوراق خطابي الذي نثرته الريح بين أغصان شجرة الليمون)/ أجمل حكايات الزن

نحاول قيام بخطوة إحصائية لمفردة الليل أو ما يوحي بهاوكأني اجمع مايخص الليل من غصون يبللها القمر ومن عناقيد مطر..تاركا لسواي حرية جمع اوراق النصوص من اشجارالشاعرة الخضراء..،إذا ماينبغي تأكيده في إنتاج الدلالة ..تتبع إشارات العنوان ،داخل النص الكبير والحفر على سطح الكلام – حسب جوليا كريستفيا

*العنوان الرئيس: بقية شمعة..قمري-------- : القمر آية الليل.

*المقتبس ألأول: ألأقمار ---------------- مياه الليل

*عنوان المقدمة:قنديل ملون -------------:يوحي الى بنية السواد:نصوص المجموعة

*عنوان القرط ألأول: غصون يبللها القمر.

من خلال معاينة مفردة الليل في هذه المفاصل ،نلاحظ ثمة كشط للسواد من خلال إضاءته

ب: الشمعة التي تكون لها وظيفة القمر

الحجر الذي له وظيفة تشظية أمواه الليل

القنديل ...وهو ينير بنية السواد

القمر الحقيقي وهو يخلص الغصون من العتمة عبر ضوئه الندي..وبالطريقة هذه تتم تخفيف الليل من كثافته..ولايتوقف عند هذه العتبات النصية ،سنحاول أن نحصي الهايكوات التي تتسق في ذات الفضاء: ألأسود/ المضاء:

*وحشتي ...

من قادت الظلمة

ل سراجك/ من فصل أوتار بكماء

نلاحظ أن الظلمة ليست بالحالة القارة ،إذ بقوة دافعة من الوحشة تنتقل الظلمة الى الضديد ..الى بصيرة السراج

*لست شمعة

لكنني..

أحب

السيل

تحت اللهب/ من فصل لقاء

المعلن عنه هنا الضوء المصنع : ضوء الشمعة والمحذوف بقوة الشمعة هي مفردة (ظلام)..والحركة يشير لها

أسم (السيل)..

*يوهمنا الظلام بالنوم

نسير

الليل كله

ل

ملاقاة حقيقتنا في الشمس ./فصل رماد بارد :الليل

السواد هنا طبيعي..ويقوم بفاعلية التجسير(جسر) ،وهو موصل جيد الى نقيضه :الحقيقة بأزدواجها القيمي

الذات / الموضوع: حقيق(تنا)/ الشمس.

*متشابهان بالقنوط

:البوم

وذلك الليل ./

اختزالية الهايكو ..شحنت..مفردة القنوط ببلاغة مكتملة..

*حجر أسود :ليلي

أي معجزة

: تقدسه ؟

كثافة الليل هنا..ذات شحنة إستعارية / صوفيه ..حولت الزمان الى مكان قدسي الصفات

والمكان هنا : يبث فينا إطاعة دائرية حوله..في ظاهرها وفي باطنها هي حركة عمودية.

وهي ضمن رياضات الصوفية إتصالية خفاء وتجل...والزمان بتحوله الى مكان..هو بوصلة

وسلم طقوس عبادة...و بالطريقة هذه يعمل المكان في مقصوراته المغلقة التي لاحصر لها على

أحتواء الزمان مكثفا وتلك وظيفته كما يتصور باشالار لتبدو العلاقة بين المكان والزمان علاقة

آلة القول بالقول نفسه / ص11/ لؤي حمزة عباس /المكان العرافي )

*بوم أخرس

:قمر هذه الليلة

البوم في الهايكو السابق..إشارة الى ذكرى كئيبة / زمن آفل(البوم..وذلك الليل)..وثمة برزخ بين ذلك الزمن وزمن الكتابة الشعرية

للهايكو..هنا لابرزخ..هذا الهايكو يلتقط صورة فوتو ماتونية للحظة(هذه اللحظة)..وهذه اللحظة مسلوبة التعبير رغم رداءة الصوت

(بوم أخرس)..من جانب آخر ..نلاحظ أن الهايكو أعتمد المسمع لا المشهد..مما اعطى النص/ بلاغة إختلاف عما هو مألوف..ويعضد إستنتاجنا هذا ،تساؤل رولان بارت (هل اللوحة دائما مرئية؟يمكنها أن تكون صوتية..وأستطيع أن اقع في غرام جملة قيلت لي ..بسبب

صياغتها التركيبية / ص 178/ رولان بارت / شذرات في خطاب العشق )

أن الوعي الشعري لدى بلقيس خالد(يتمرد على موضوعه وعلى طرائقه التي أعتادها في إدراك الموضوع/ص292)..

*قالوا

:أنكسر المصباح

من يقنع عيني

إنها على مايرام؟/ من فصل ..جهاتي ألأربع..

هذا الهايكو يحيلني الى بيت الحسن بن هانيء/أبي نؤاس(خذ ماترى ودع شيئا سمعت به

في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل)

هم قالوا...

لكن قولهم احدث خلخلة في يقين الذات،فصوغته تساؤلا(من يقنع عيني...؟)..يمكن أن نرى في(اللاأدرية المصاحبة لغياب اليقين ثمرة إنكسار الحلم؟ /ص292) لكن المفرح أن هذا ألإنكسار يشحن الذات بقوة رافعة (تغدو فيها ألأنا معلقة في الفضاء) ومن هذه اللحظة ستؤثل ..بلقيس تلك الأسئلة الثريا فهي لحظة(لامجال فيها سوى السؤال الذي يولد السؤال،السؤال الذي يمزق الوعي بين الطرفين المتناقضين لهذه اللحظة المدمرة)

ونحن هنا امام نسق ثنائي: خبر يصل إلأذن من كثرة(قالوا...إنكسر المصباح) وذات مرهفة ترى في القول..تلطفا..لأن عين هذه الذات ،لاتقتنع بقول الكثرة بل ببصر عينها.وهنا يتحول عطل الصناعي

(المصباح) الى عطل في عين الرائية / الرائي(من يقنع عيني إنها على مايرام؟)..أن هذا التضاد إلأتصالي بين قول الكثرة/ قناعة العين برؤيتها..يفعل توصيل ألأثر الدلالي .

*زورق فضي نحيل

يتهادى

ما أن

يتوسط ماء الليل

يغدو يونس / من فصل..رذاذ

هنا يتجسد إشتغال الشعري على ألإستعارة بتفرد لذيذ..وإذا كانت وظيفة ألإستعارة هي بث الدهشة في أفق المتلقي،فأن هذا الهايكو بلغ اعالى الغايات ..وحسب عبد القاهر الجرجاني في(دلائل إلأعجاز) :أن إلأستعارة

إدعاء معنى ألأسم للشيء،لانقل إلأسم الى الشيء..وقد إنحاز الهايكو ل إداعاء معنى ألأسم : فالهلال زورق فضي،والليل ماء يتوسطه حوت،سيلتقم الهلال كما ألتقم النبي يونس عليه السلام..قوةألإستعارة هي أرضنة الأعلى،فالقمر: زورق..والليل ماء وخسوف القمر..يكون له ازدواج قيمي: مرجعية دينية : إشارة الى النبي يونس، والقيمة الثانية هي المرجعية الميثالوجيا التي تذكرنا بأصوات طفولتنا(ياحوتة..هدي..هدي..هذا عور

شلج بي) ولاتخلو هذه الترنيمة من تقليل شأن القمر فهو قمر أعور ،لكي تزهد ه حوت السماء وتتركه

يضيىء لنا..وألإتصالية النصية بين الهايكو والنص الديني/ الميثالوجي ..تحيلني كمنتج قراءة الى جيرار جينيت

حيث تم انتاج الهايكو ،عبر ترشيق موضوعاتي وأسلوبي للنصين :الديني/ الميثالوجي

*في ظلمة البحر

البواخر

طيارات ورقية

تجرها..

خيوط الفنار..

الصورة في هذا النص ليست فوتوغرافية..انها لقطة سينمية لاتكف عن الحركة..

الليل في الصورة كثير..ليل بحري..واللقطة ذات شحنة إيحائية فالليل على كثرته

لكن... الذي يستقطب البواخر ..هو الفنار..

على قراءتي أن تتوقف..داعية فطنة القارئة والقارىء للمشاركة...

*بحاسة السمع:

أتلمس النهار،عمياء الشمس

لولا العصافير./ مفصل زقزقة

هنا تكون الرؤية بألأذن*..يبدأ النص مجرورا (بحاسة السمع) لشد إستجابة القارىء..لو كان النص هكذا

(عمياء الشمس / لولا العصافير) لتحول الغموض إغما ضا....لكن النص كما هو مثبت بأنزياحه

يمنحنا صورة شعرية إيحائية / مركبة ..ف(عمياء الشمس لولا العصافير) ..ثمة محذوف هنا

والمحذوف مثبت كعنوان فرعي للمفصل ،أعني كلمة (زقزقة)..هنا حولت الشاعرة برهافتها اليومي

الى شعري آسر ،كلنا سمعنا ونسمع ..واحيانا نستيقظ على زقزقة العصافير،والسجناء يعرفون

النهار ،صوتيا ..من خلال زقزقة أشجار المعتقل ،أقول ذلك من تجربتي المتواضعة .

ما فعلته بلقيس هنا ..إنها منحت اليومي ،من خلال الشعر، حصريا قيمة إضافية ،عبر كيفية شعريا

في التقاط اليومي وتشغيله شعريا.

*ليل بلا نجوم

من دسه في حقيبتي؟/...حقائب

يشترك هذا الهايكو مع(بوم اخرس/ قمر تلك الليلة) و(متشابهان بالقنوط / البوم وذلك الليل)

وإتصالية إلأشتراك هي : السيادة المطلقة السالبة للظلام .

*غمامة

لامظلة

تلك التي حجبتك عن الشمس/...مظلات

لدينا اتصالية كشف تؤثلها الحساسية الشعرية،بين الصناعي(المظلة) وبين الطبيعي(غمامة)

*أجمل المظلات

من تأرجحت بهلال العيد

هلال العيد ،يحيلني الى الثريا: بقية شمعة..قمري..

*تيبل لامب: حفيدتي

تحت

مظلتها/.....مظلات

الحفيدة: تيبل لامب ،الجدة /الشاعرة : بقية شمعة..قمري

*الليل: جدار

ي

ت

س

ل

قه

النهار./....جدار

على وفق عبد القاهر الجرجاني، ان ألإستعارة هنا هي إستعارة المعنى وأستعماله في غير موضعه

تحول الزمن /الليل الى مكان عمودي / مستقر/ عازل..الى جدار وتحول النهار الى كائن متحرك

يجتاز جدار الليل عبر تسلقه..لدينا لقطة سينمية ثرة بأيحائها الشعري.

*أعطني عينيك

لأراني

عمى المرآة

ضيعني /...مرايا

برؤية آلآخر تنتصر ألأنا على عمى المرآة ..إذن آلآخر هو أناي..وبيني وبينه إتصالية تكاملية..

هنا أصبح آلآخر مرآة ألأنا..مرآتها المبصرة الراصدة ، ثمة تطابق بين ألأنا وآلآخر كل منها لايكتمل دون آلآخر بل هما يتماهيان ،آلآخر هنا هو العين والمرآة التى لاتريد ألأنا أن ترى غير مايراه آلآخر ويعيشه ويتحرك في حدود/ص 179/ جابر عصفور) ونحن امام الثنائية ذاتها السواد / البياض من خلال العمى /البصيرة

..على مستوى التفاعل النصي..حاول هذا الهايكو،إلأستفادة من آلآية الكريمة(أصنع الفلك بأعيننا)

*مناديل/حلوى/شموع/ حنة

كانت بداية

حياة،

ختمت بمنديل

يقال عنه: علم عراقي./..منديل

تحولت مفردة العنوان(شمعة) الى جمع(شموع)..تضيىء مهيمنة المجموعة الشعرية ألأولى(أمرأة من رمل)

وهنا ينتقل الخاص الى تعميم ظاهرة فجرتها وتفجرها الحروب في البيت العراقي

*قميص: أظلم الدنيا وأنارها/..قميص

نحن هنا أمام مفردة نكرة (قميص)..وتبث هذه المفردة النكرة أزدواجا قيميا متناقضا : الظلام /النور.. والبث المزدوج لانهائي له سعة الكلية ألأرضية : (الدنيا)..ومرجعية النص مضمرة إضمارا شفيفا يمكن للقارىء استعادتها(أذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا../93/ سورة يوسف)..على مستوى آخر يحق

لأفق التلقي،ألإشتغال بعيدا عن المضمر،من خلال سياق التأثر والتأويل.

*يتأملني في مرآة الليل

ويداه منشغلتان

بنسج حرير الشراشف/ وسادة وشرشف

يتم تبئير التأمل عبر الليل كمرآة..العين تتأمل واليدان منشغلتان ..هنا يستعاد الغائب عبر الزمن النفسي

والليل فضاء مرآوي لأستعادة مسرات لاتأفل

*يكتمل القمر

في سماء الشراشف

بأنتظار الحوت

الليل هنا حاضر بآيته(القمر)..وألأستعارة في غاية اللطف..والعلاقة بين الحوت والقمر هي ذات منحى مزدوج

فيها البعد الميثالوجي وكذلك تفعل تأويلا سيميائيا..ويحيلني هذا الهايكو الى(زورق فضي نحيل / يتهادى/ ما أن يتوسط مياه الليل / يغدو يونس)

*المجلات : وسادتي

شراشفي الصحف

وبقية شمعة: ..قمري.

الهايكو هذا بسيط واضح في السطرألأول والثاني..لكن السطر الثالث يغير المسار بأستعارته الشعرية

بقية شمعة..قمري..،نلاحظ هنا أن هذا القمر ألإستعاري..سرب من الحيتان تترصده ..لكنه محصن بضوء

العرفانية /المعرفيات / والعارفة تواصل بساطة العيش وتتناول المعرفيات دون إدعاء،لم تباهل بعنوانات معرفية

بل توسلت التعميم المألوف (مجلات/ صحف)..ورهين بفطنة التلقي كيفية إستعمال هذا المفتاح التأويلي في تفكيك،مغاليق النصوص /31ص محمود عبد الوهاب / ثريا النص.

*لاصبح

ل قلق

لايبصر

هنا العمى له السيادة المطلقة..لكن هذا ألإطلاق سرعان ما يتراخى عبر الهايكو التالي

*الشمس تحرق ليلها

ل يتدفىء القلق

حيث ..تقوم الشمس بحرق الليل..لتخليص القلق من رعشة البرد

*قصيدتي: ثلاث مرات

تصيح القصيدة

قبل صياح الديك

نحن هنا ..أمام نص يتغذى على مرجعية مضمرة ،ويفرض علينا في ذات الوقت ،أستبعاد المرجع وأستبداله

بالنص الظاهري الحسي ،المتمثل بهذا الهايكو،وهنا علي كمتلق أن لاأقيس نصا بنص ولا أقارن بين النصين

بل علي أن افعل أستجابتي حد إنصهارها بأفق النص ،و يكون مجدي كقارىء منتج ،لأن(مجد القارىء يكمن

في أستكشافه أنه بأمكان النصوص أن تقول كل شيء بأستثناء مايود الكاتب تدليله،ففي اللحظة التي يتم فيها الكشف عن دلالة ما،ندرك أنها ليست الدلالة الجيدة، أن الدلالة الجيدة ،هي التي ستأتي بعد ذلك/ص43/ امبرتو ايكو)..والماثول المشترك بين النصين هو نسق الصياح

*خيط الفجر

والقصيدة: طائرتي الورقية

*كل فجر حين تبكي

القصيدة..

أتلمسني..

أطمئن..

كقارىء ..أمامي لوحة سوريالية الشفرات..

الفجر: خيط أبيض

القصيدة: بكاءة الفجر

المحذوف في النص..وقت ألإنتاج : الليل

طمأنينة الشاعرة : مرتهنة ببكاء القصيدة

الشاعرة بغريزة أم ترى وتسمع بكاء طفلتها القصيدة

هل دمع القصيدة ، هو ماء الشاعرة وأخضرارها؟

أليس هناك أزدواج قيمي..؟ من التي تطمئن الشاعرة؟ ام ألأم التي في الشاعرة على بكاء الوليدة/ القصيدة

هنا ثمة تماه آسر ..فالمرأة وهي تكتب نصها أنسنته..طفلة غافية..وحين تبكي الطفلة/ القصيدة ،فتلك شفرة

خضراء من غير سوء على ديمومتها.

*ليست خاتمة..

أسأل ولاأتوقف عن صوغ ألأسئلة..ولا أنتظر اجوبة .. بل حياكة اتصالية متوازية عبر الرد

بأسئلة أخر.. تاركا لسواي حرية التخييل والمشاركة في إقامة القصيدة...والملاحظ أن

بلقيس خالد..لاتعينني في قراءة بلقيس خالد..أراها تتوارى في عمق مشغلها الشعري

أراها بشفافية الكرستال..شاهدة لاتكتفي بالفرجة على مايجري..بل على قدر طاقتها تحمل

ضوءا لتسهم بهدم الظلام..بلقيس لاتعينني بقراءة بلقيس لكنها تجترح شروطا موائمة للقراءة

ومن خلال هذا ألإجتراح..تخاطب القارىء وتحضر قرائته لنصوصها فيسمعها ويراها..وكأنها

تقول للقارئة والقارىء..ماقاله ذلك الراهب البوذي لتلاميذه :(فكرك أشبه بفيل بري..يخاف أن يقفز

في كل إتجاه،وينهم في كل ألأرجاء،إنتباهك هو الحبل،والشيء الذي يختاره،تأملك هو الوتد المغروس

في ألأرض.هدىء فكرك،أجعله سلسا أليفا،سيطر عليه،وستعرف سر الحرية الحقيقية)(13)

وبالطريقة هذه..لامصدات في شعرها بين البراني والجواني..بل ثمة اتصالية عفوية تلقائية بينهما

يتحقق من خلالها الوجود إلأنساني..بأناقة هادئه..فهي تنظر للقارئة والقارىء نظرتها لطرف

فعال لاغنى عنهما في إنتاج المعنى،عبر قراءة منتجة تلتقي بالقصيدة عبر القراءة ألأولى

لتستوعبها شعوريا ثم تخرجها عفويا ضمن افق تلق،ثم تعاود تكرار فعل القراءة بوعي وتأن

لأستكناه آليات النص،وإكتشاف تضاريسه الجمالية...

ثمة غواية تنشطتها البساطة الظاهرية لنصوص الشاعرة،فيكتفي فعل القراءة بقراءة واحدة..هذه

القراءة لاتختلف عن النظر لما هو بارز من جبل الجليد،لكن عبر تكرار فعل القراءة..سيتم

تعقب مراحل تشكل المعنى،والكشف عن مهارات إلأنتاج عبر عملية إلأدراك الذهني للنص الشعري

والتي هي بحق غاية جمالية حسب الناقد الشكلاني الروسي فكتور شكلوفسكي.(14)

وحدها القراءة المنتجة من تهبنا مرآة من طراز خاص.. ..مرآة لاتتقعر ولاتتحدب..ولا تعكس الظاهر

مرآة تعكس الجواني الذي فينا..الولد البار سيرى فيها صورة والده الذي أحبه كثيرا..(ويمضي لحظات طويلة في تأمل الصورة الجليلة)..زوجة الولد البار..وهي تلاحظ تصرفاته الغريبة..ادركتها الحيرة..وحين تنتهز الفرصة وتنظر في المرآة في غياب زوجها سترى صورة أمرأة غريبة؟!ربما لأنها بأرت رؤيتها ببؤرة غيرتها

الزوجية..فكشفت المرآة : جوانية الزوجة..غيرتها !

وحين يحتكمان الزوجان لأول من يطرق باب البيت..وتكون الطارقة راهبة.. توافقهما الراهبة وتصعد الى السقيفة تتناول المرآة وتتمرى بها ..وحين تنزل تخبرهما إنها راهبة...(15)

وكقارىء منتج هكذا أرى القراءة إنها ذات فاعلية مرآوية..وحين اكرر قراءتي للنص ذاته..ربما ستتنوع الصور في مرآة القراءة

*إتصالية....رمل /....قمري

مجموعة( بقية شمعة..قمري).ليست.طفرة وارثية شعرية..بل هي صيرورة التجاوز الشعري الواعي *

وقد أعلنت عن ذلك شاعرتنا في سؤال وجهناه لها،قائلة (..نعم سؤال جميل،وقد لاينتبه له الكثير،مجموعة

أمرأة من رمل،هي مجموعتي ألأولى..تتكون من ست أجزاء كل جزء،أخذ من مجموعة ..لكن ليس لأنه

ألأكثر صلاحية..بل باقي المجاميع أيضا صالحة وجميلة،وان شاء الله ستقرأها وترى بنفسك مدى روعتها..السبب في هذه ألأجزاء هو أني أردت التنويع..)*

عن الكاتب

.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بلقيس خالد

google-site-verification: googlee09bc7865ace1b6b.html