بلقيس خالد

الموقع الرسمي للشاعرة والروائية بلقيس خالد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

"بقية شمعة قمري" او.. الرحيل الجميل المستمر في اللغة / بقلم صالح عوض / فلسطين


"بقية شمعة قمري"  للشاعرة بلقيس خالد
او.. الرحيل الجميل المستمر في اللغة
صالح عوض

-1-

قرأت كثيرا للشاعرة العراقية بلقيس خالد ،  في مواقع عدة ووجدت نفسي امام محاولات جادة، دءوبة ،لشق درب مسكون بالعناد والتألق نحو، ينابيع اللغة العربية ،الثرة ،رغم  ،صعوبة المسلك وما يبدو عليه من غرابة إلا.. انه اثارني في قدرة هذا الدرب، على التكثيف واعطاء اضاءات جديدة للكلمة وتركيب مثير للجملة ومغامرة شيقة  ما لم يألفه المتعودون على انماط من الادب سكنت عقولهم وقيدت ذوقهم وسيطرتهم على حواسهم فرفضوا كل ماسواها ..
-2-
 مؤخرا تمكنت من الحصول على كتابها "بقية شمعة قمري"والعنوان يوحي ،  أن هناك اشياء ضرورية لابد ان تفعل قبل انطفاء الشمعة ..وهنا وجبت الحكمة والطهارة والنقاء والتأمل والسمو..فعلى ضوء بقية الشمعة يجب ان يكون كل شئ مكثفا مركزا فلا وقت للوقت.. ومنذ اللحظة الاولى ادركت انه يلزمني كثيرا من اليقظة وتشغيل افق التلقي لدي،  علني اسيطر على نصوص مشحونة بأنزياحات متعددة كتبتها الشاعرة  العراقية بلقيس خالد  وهي تعد الاحرف وتتنفس المعاني وتلمس بيديها طرزها الجميل المدهش .
-3-.
كعادتي في قراءة النصوص الادبية اذهب متعمدا نحو جملة  النص الاخيرة لعلي أحل اللغز الذي يجري في عروق النص دونما قدرة على ضبط اطرافه فكنت أمام هذين الهايكوين العراقيين: 
 ( عجبت من وطن لايمل من اقامته في الغراب /ص115
(..معتصمة بالصمت: اعمد غضبي/ 116) 
.. 
فيهما وجدت ثراء اللغة والدلالة،لغة انسانية منفتحة على ابداع الناس  ومحاولات لتوصيف ادق المشاعر وانبلها وتوصيل اوضح المعاني وادقها وهنا نفتح الباب امام عملية التجديد التي هي السمة الاصيلة في الصيرورة .. فمن طبائع الحياة ومافيها ان الثبات عند لحظة ابداعية ما، يعني بوضوح قتل للعملية الابداعية برمتها وما التجدد إلا محاولة لأستمرار الحياة الا ان هناك رهط من البشر يألفون الجمود وما هم عليه من عادات وانماط فتصبح عندهم العادة درب عبادة ويوغلون بعيدا في الطقوس التي يضفون عليها من خيالهم السقيم ما يعطل المشهد ويجعله الى الطلاسم اقرب..
-4-
ولأن اللغة العربية لغة انسانية بامتياز ، بما استطاعته بقدرة لا تضاهى في التوصيف والتعبير فاخذت شهادة الهية بانها بيان وانها قادرة على حمل البلاغ المبين..لانها كذلك ما كان لها ان تستثنى من نواميس الحياة واسباب البقاء التي تنبعث جميعها من فلسفة التجدد والتطور.
وعندما تاتي الشاعرة بلقيس خالد لتسهم شعريا في شق درب جديد للغة  لتحلق بها في عالم جديد ملقية بإعجاز جديد للغة العربية في التكيف دونما خلل وفي التطور دونما انحلال ..فكانت مغامرتها الرائعة لمحاكاة الهايكو الياباني ذا الصفات الخاصة في طريقة التركيب والتناول ..لقد ابدع اليابانيون في شعر الهايكو الذي استطاع ان يحمل الكلمات وظائف جديدة ويقرأ الاشياء الصماء وكانها تنطق بمعان اضافية ..كل شئ يعبر عن نفسه بصفات انسانية ووجدت الشاعرة بلقيس خالد ان العراقيين اتجهوا الى مثل هذا الاتجاه قديما في ما يعرف بالدارمي اليس العراق _اول الحرف واول الحضارة واول الترجمة_فكان جهد الشاعرة منصبا على الاستفادة من اسلوب واداة فذة في صياغة ادبية اكاد اجزم انها متميزة ولكن دونما انقطاع عن واقعها وهي بهذا لم تستسلم لما يعيشه القمر الحزين والسماء التي تتململ لان لاطيور تحك جلدها والشمس التي لاتضئ لان الطيور هاجرت..رغم هذا الواقع الذي يجعل البحر يئن وتقترب شفاه السماء منه لاندري من منهما احتسى وجعا من الاخر..رغم هذا كله او بدافع منه انبعثت شاعرتنا لتخترق المرحلة لاكما السهم الذي مزق قلب الريح ليستقر في قلب الحمام ..بل كغناء البلابل ورقص الغصون..كانت الصور تاتي متعاكسة في جدلية تستفز العقل للانتباه والذوق للتحسس فتصدم بديهيات وتمنح الاسماء عناوين جديدة.
-5-
الشاعرة  فتحت نوافذ الشعر لتجديد الهواء والانطلاق للتعريش في الشمس،لذا لم يحتمل البعض .. ..وهذه هي سيرة كل الذين توجهوا للافكار  والاساليب الجديدة الم يتصدوا ،للرواد عبر التاريخ فما كانت حجتهم الا انهم باقون على ما وجدوا عليه الاسلاف..وما على شاعرتنا الرائدة الا مواصلة المثابرة وهي تشق للعربية سبيلا تطارح فيه اللغات والحضارات وتبز على الجميع باعجازها المتجدد 
-6-

لم يصب الشاعرة تعب وهي تتنقل من صورة الى صورة اكثر تعقيدا وارقى معنى واعمق رسالة..رغم اني اشعر انها كانت دوما  قلقة  يتلبسها خوف اللحظة الابداعية وهواجسها ..انه احساس الرواد وكما  كانت نازك الملائكة على راس مرحلة..فان اللغة العربيةلأنها حية تستدعي من حين لاخر من تلبسها أو تلبسه قلادة الأبداع  لتصيرها أو لتصيره بعزيمة الرواد في تجدد الاساليب والتراكيب ويكشف عن سر جديد للغة المعجزة..
-7-
ان شاعرتنا تشق طريقا جديدا ممتعا اسلوبا وصورا ولقد واجهت من الصور في نصها مالم يخطر لي على بال ولم اقف عليه لدى أي من الشعراء ..ليس بوسعي في حيز ضيق من المكان والزمان ا ن افي الكتاب حقه ولقد شغلت هنا بالحديث عنه كتجربة وليس عما فيه من ادب جميل يحملني مسئولية العودة اليه ثانية للكتابة لاشرك قرائي متعة اتذوقها بكل حواسي

بلقيس خالد/ بقية شمعة....قمري/ دار الينابيع/ دمشق/ ط1/2011*


عن الكاتب

.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بلقيس خالد

google-site-verification: googlee09bc7865ace1b6b.html