بلقيس خالد

الموقع الرسمي للشاعرة والروائية بلقيس خالد

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

دراسة الاديب حيدر الاسدي في مجموعة (امرأة من رمل) للشاعرة بلقيس خالد



دراسة الاديب حيدر الاسدي  في مجموعة (امرأة من رمل) للشاعرة بلقيس خالد

حيدر الاسدي

(حين اشعر وكأنني مشدودة من أخمص راسي، اعرف أن هذا هو الشعر) ايميلي ديكنسون

(امرأة من رمل) المجموعة الشعرية البكر للزميلة الشاعرة والصحفية والقاصة البصرية

(بلقيس خالد) قدم المجموعة الناقد (مقداد مسعود) وعلى قفا الكتاب كتب (أثير رحيم)

(امرأة هي ..عقيق ودر

تصنع مجداً على أنقاض السلام

يحسبها الناس امرأة من زجاج

واراها اصلب وأقيم من الماس

امرأة من رمل ..؟

هي نهر يزرع فينا بساتين وندى

شمس هي تزرع في العين نورا

وتغمرنا بالدفء)

القراءة المتأملة لمجموعة امرأة من رمل ستقودنا لمنظور متوشح به المجتمع العربي على وجه العموم والعراقي على وجه الخصوص، ولأنها تضع اللون والزمن شخصا هلامياً يمر به مطافات الأفق والسراب معاً مخاطبا الكينونة المتلاشية مع عقد التنقيط المنقوع بالتشظي على طريقة التصوير اللمحي السائر ؛ستجد ثمة تمظهرات جلية وأنت تتجول في جو موسيقي يعزف مقطوعات قصيرة بأجواء من رمل مختلجة بين الضعف والتضاد الهازئ من العلاماتية الرامزة للضعف في الرمل، فهي تارة تكون ابنة لمدينة الأنهار والسواقي بلون الحناء وتارة امرأة تعزي وحدتها بين كتبها لتحيلها صيرورة ثائرة على ما يعز على النفس رؤيته وكذلك (رمل في تخت الزمان) فتضطر مع عزلتها أن تستدعي الغائب الحاضر في قصائدها انها كامل الصورة للمراة على هيئتها التي تاطرت بها .

ومضة ص 14

في الربيع

بين ورده وشذاها

صرت

زوجة

واماً

و....وأرملة

المسكوت عنه دائما ما يثير فضول المتلقي، وهذا مدعاة لاثراء النص خصوصا لو كان فضحه على طريقة المرأة، فهي دعوة لقراءة مفتوحة تأول المسكوت عنه للقمه بسيل التأويلات...

تتسرب لمخيلة القارئ الكم المعاناتي للمراة في صور مختلفة ..

(وحشة ص 13) (مكابرة ص 15) (انتظار ص 17)

الطبيعة دائما ما تحال او تستدعى لوجودها بروحية الذات المخاطب التي تحتضن صور الشاعرة.



بصريون ص 21

في مدينتي يمد النهر

سواقيه نسغاً

لترتفع خيمة النخيل

تحت ظلالها

نتقاسم الطيبة



لهل براءة الظلال والنخيل البصري جعل القسمة عادلة مناصفة بين الرجل والمراة ولعل مجتمعا مملوء بالعادات والتقاليد الخاطئة يجعل المسكوت عنه فراغات نقطية ترمز لوضع ما وتجعلنا نسبر أغوار المسكوت عنه بتأمل حثيث،فان الحذف فرض نفسه كقيمة أساسية في النصوص التي لا تبغ التفصيل السطحي الذي غالباً ما يحوي مأربا أخرى ...

وحسب (هاوسمان): (حتى عندما يكون للشعر معنى فمن الأفضل الا تستخرجه كله)

أن صعوبة الكدح للمرء ان يكون الشريك ضميره الداخلي الساكن بصمت..

فيحتمل كل الأسى من اجله وتكون النتيجة (الاحتمال والعذاب وتأنيب الضمير)



وخزه ص 27

مسكين

تتعذب

تعذبني

تؤنبني

احتمل

لانك ضميري الذي لا يغفوا



قصيدة بلقيس ...و...نقرة السلمان ص 33

تحيلنا إلى قصة سليمان والهدهد والمراة الحاكمة آنذاك،وتحيلنا الى سجن نقرة السلمان الذي امتلأ بالأجساد البريئة والأرواح المتناثرة ...



من نفس القصيدة ص 34

-4-

انقطاع النسغ

جعلني امرأة من رمل

هكذا تقول أمي

حينما تسألها النسوة عن شحوبي

اسمع أمي تقول : ابنتي ترملت

ترملت ....!

تومئ لنا الشاعرة أن الشريك الغائب المنقطع (النسغ) ابتلعته نقرة السلمان كما فعلت مع بقية الأجساد وما (الشحوب وتكاثر الخطوط على الجسد الا نتيجة حتمية للأرملة طيلة الزمان المعاش على وقع الفراق...)

أن قراءة قصائد (امرأة من رمل) تجعلك تتحسس عن كثب الجو المكتوب في المجموعة، كونها أعلنته شعريا وسعت لفضح مؤثراته (الرمل) في البنية الاجتماعية حسب مقدمة الناقد .

فعندما يكون استدعاء الغائب الحاضر نهاية لمغادرته ببطء فهذا يجعل الحروف معها حق وهي تتقطع لرحيله القصير كما الوصف الجملي الذي احال النفس قصراً للحزن المتوقد بالذات من اجله،

ذكراك دفء (ص 36 – 37)

ينهمر الشلال خمر

يراقب الجبال

طيفك :أسكرني

غمرني بالدفء

فتس............. ا قط المخمل

قطعة

قطعة

ت

س

ا

ق

ط ...المخمل

وكأن نصوص استدعاء الغياب تومئ لصيرورة بين الراحلون والطيف النصي المثري بالخيال لكي يكون بحالات تشبع وجودية في ذاكره المرء على الطوال ...رغم انه تناءى بعيداً

(تراقب الغيوم

ثم تلعب مع النجوم

لعبة الاختباء)

في كتاب (استخدام الشعر والنقد) يقول (تي اس اليوت) : (لا يمكن للشعر – بالطبع- ان يعرف من خلال استخداماته ..انه يؤثر في ثورة الأحاسيس ..ويساعد على الفصل بين الأنماط التقليدية للفهم والتثمين اللذان يتكونان باستمرار - الشعر يجعل البشر يرون العالم او جزء منه زاهيا ويجعلنا ندرك بين الفينة والأخرى تلك الأحاسيس العميقة التي يصعب تسميتها...)

دائما ما نرى ثلاثي التفاؤل (المساء، الورد، الربيع)

متأصلا وحاضراً ولكن حينما تشاكسها أنفسنا تفضح إسرارنا للقمر لان المساء حينها يهبط ويفتضح أمرنا للنجوم لتحترق بلهيب الصدور .



اختلاجات ص 38

عندما يهبط الماء

تغفو بأحضان القمر إسرارنا

مشاكسة ..

تسترق...

النجوم

النظر

فتحترق ثاقبة بلهيب صدورنا

الغائب حينما يكون مكرراً لفظياً فهذا يدل على النفس الملتاعة لطول غيابه الأبدي فهو رحل عن عالم الحاليين،تاركاً خيط ارتباط متضائل بعيون الآخرين ومتجذر بعين المنتظر والمتأمل لغيابه، أنها لحظات مدعاة لاستراق النظر وسمع أناتها عن كثب.



الحلم ص 41



كنا قريبين جداً

رغم المسافات

اسمع أنفاسه ويستنشق نفاسي



هذا الاتحاد يفصح عن هوية الغائب ويفصح عن إجابة الأم عن تساؤل النسوة .

أنها دلالة تصل بنا إلى بنية وهوية الغائب المحاكى ...

وحسب علم النفس ان لاختيار اللون مدخليه ووقعاً يكشف عن مكامن وماهية النفس البشرية وتمظهراتها ...اللون الأخضر لاعبا أساسيا في مجموعة امرأة من رمل ... كما يقول عالم النفس اردتشام (ان تأثير اللون في الإنسان بعيد الغور)...لون التفاؤل والسعادة والطمأنينة يجعلها امرأة من ماس يحسبها الناس امرأة من زجاج ...فرغم الحياة التي تقتضم جزء من أنهاك جسدها بلوعة الغائب المسروق من الزمن الذي جعلها امرأة من رمل تصارع الإرهاصات المعاصرة بكف وحيدة.

ولان الكتاب خير جليس فكان سلاح المرأة لصفع الوحدة التي تريد ان تحيل حياتها حزناً أزلي (وكأن القراءة تقودنا للقول ان المجموعة بكاملها لامرأة من رمل تدور في القصائد بشكل هلامي).



الأخضر والأبيض ص 51

الليل

يتسلل صوبي

ها هو

يسير على إطراف أظلافه

يصفعني بالوحدة

فارد الصفعة له

بكتاب استعمله زورقاً



انه صراع مع الليل يستخدم به الزورق المخلص (صفعة كتاب) ليعبر بها لضفة صباح جديد .



مرارا يكون العزف على أوتار حمراء نتيجة جثث تدفع ثمنا للحرية ...الغراب وحده المستفيد والمتفرج

عزف ص 54

كما تعزف الحرية على الأشجار

ينبجس اللحن

احمر

احمر

احمر

تمد الأرض مائدتها

يرقص الغراب

استعداد لنهش الثمن ...



العصافير كعادتها بريئة في مجموعة بلقيس خالد ..لكن غير المتفق عليه أنها متهمة بالانفلاونزا الوبائية مما دعاها للهجرة عنوة، من السدرة (الخضراء)!



والمرآة وجه حقيقة كاشف عن داخل المرء وكان الشاعرة تجبر القارئ ليجعل المرآة رقيب يكاشفه عند كل فعل لأنها بطبيعتها تقول رأيها بالمرء بصراحة بدون ازدواجية..



نسيان ص 62

جمعت قواي

لمواجهة مرآتي





المرأة جزء أصيل ومكون في المجتمع فهي تعيش في بلد (بترول، نخيل، انهار) في مطر لا غيث (ص 63) ولكن اسمنت الدار يتساقط متهاويا ليرحب بسيمفونية المطر الداخل بلا استئذان لبيوت بلا سقوف ... بينما تنعم سيدات الثراء بأفخر الأثواب وأنعمها، ظلت بعض بيوت النساء بلا سقوف !!!



الابنة ليست متعلقة بوالديها فحسب، بل ميالة لغريزة امومية بحتة منذ طفولتها تتخذ أوضاعا مشابهة لامها كيف هذا وان كانت لينة كغصن بان وزهرة ألجوري في الشتاء ..فما احن وأحب قلب أمها عليها خاصة حينما تكون تحت رداءها تترنم بمشاكسة طفولية عبقة .

هيلين نورستي ص 80

هي لينة ..كغصن بان

هي لينة كزهرة الجوري في الشتاء

وهيلين ...صديقتي ..و..صديقتي .

(الوطن، الحروب، الأرامل،) ثالوث مرعب ودمعة مكابرة منفلتة من أرملة على نزيف وطن مثخن الجراح ومكسر الأجنحة تؤد الأجنة فيه ببطون الأمهات، تبقى صورة معلقة في ذاكرته المملوءة بالوشاح الأسود وخاصة انه زي الأرامل المفضل في وطنها، يالها من صورة ضبابية التي تجعلنا نبني الملاجئ بدلا من البيوت (في وطن كل شيء فيه قابل للموت) الضباب 113

أنها التقاطات لتازمات لازمت المرأة وعاصرتها حتى ربت أجيالاً تذرف دمعا وأخرى تحتفظ به في أرشيف ذاكرتها المخلد مع الزمن الشائخ ..فهل فعلا نظن أنها امرأة من رمل ام ماذا؟


عن الكاتب

.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

بلقيس خالد

google-site-verification: googlee09bc7865ace1b6b.html